Syria Press| خاص:
منذ بدء الهجمة الأخيرة على محافظة إدلب وريف حماة الشمالي، في نيسان/ أبريل 2019، حتى هذه اللحظة، والحديث لا ينفك حول دور الطريقين الدوليين (m5- m4) في اشتداد الهجمة وسيطرة النظام على العديد من المدن والبلدات الاستراتيجية في المحافظتين، ودورهما كذلك في ما يُشاع حول وجود اتفاقات غير معلنة في “سوتشي” و“أستانا” وغيرهما من التكهنات.
وللوقوف على أهمية الطريقين الدوليين ودورهما في الصراع الحاصل في الشمال السوري، التقت (Syria Press) بالكاتب والمحلل الاقتصادي “يونس الكريم“، الذي سلّط الضوء على دوافع وأبعاد السيطرة على كلّ من (m5- m4):
يشكّل الطريقان جزءًا أساسياً من طريق دولي كان الهدف منه إنشاء ما يطلق عليه “طريق الحرير” للتجارة الدولية.
ويختلف طريق (M4) عن (M5) بأن (M4) مصبه النهائي يقع عند مدينة اللاذقية السورية، بينما الـ M5 فهو عبارة عن طريق يمر بعدة مدن سورية ثم إلى الدول المجاورة، أي أنه يعبر من سورية من الدول المجاورة (ترانزيت) متجهاً نحو الدول المجاورة الأخرى.
ويعتبر الـ M5 ذو أهمية خاصة لكل من الأردن وتركيا، في حين الـ M4 ذو أهمية للعراق وإيران كواجهة إلى الميناء البحري، اللاذقية، كطريق بري. والطريقان بالتالي يساهمان في تخفيض تكاليف النقل.
خلال الثورة السورية تم تحييد الطريقين ما أدى لتوقف التجارة التركية باتجاه الدول العربية عموماً والخليجية على وجه الخصوص، وتكبدت المعامل التركية خسائر كبيرة جداً نتيجة ارتفاع التكاليف وخروجها من المنافسة السلعية. ففي حال أهملنا الحصار القطري من قبل السعودية وضغطها، نجد أن البضائع التركية فقدت الميزة التنافسية بانخفاض سعرها لارتفاع سعر النقل، حيث أن النقل يشكل من 30 إلى 40 % من تكلفة السلع.
وتنبع أهمية الطريقين للدول الاقليمية والدولية والصراع للسيطرة عليها من عدة نقاط:
أولاً بالنسبة لروسيا، هناك رغبة من الروس باستثمار الطريقين البرّيين لأهمية هذا الاستثمار في الرفع الكبير لحجم العائدات. حيث قدر عدد الشاحنات التي تمر في هذا الطريق قبل آذار 2011 بنحو 150 ألف شاحنة وسطياً، وهو رقم بسيط مقارنة بالنقل الداخلي الذي يستخدم هذا الطريق.
كما تكمن أهميته للروس أيضاً من أنه لا يمكن إعادة إعمار المناطق والمدن المحاذية للطريقين أو جذب الاستثمار إليها ما دامت تقع تحت خط النار بشكل مباشر، ولا يمكن استغلالها بالصورة المطلوبة. أضف إلى ذلك أن الاستثمارات الروسية في سوريا، سواء في الموانئ أو معمل الفوسفات أو الآبار النفطية التي تسيطر على بعضها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المطاحن وهي مهمة جداً، فلا يمكن تفعيل آلية النقل منها وإليها دون تأمين هذين الطريقين البرّيين.
كما وأن السيطرة على طريقي m5- m4 تضمن للروس السيطرة على محافظة حلب المهمة. كما يضمن لهم الضغط على إدارة ميليشيا “قسد”، وبالتالي الضغط على أمريكا التي تدعمها، بهدف دفعها إلى طاولة المفاوضات، وبالتالي شرعنة الحصول على حصتها من مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”.
ثانياً بالنسبة لتركيا، التي لها نفس الدوافع للسيطرة على الطريقين، وبالتالي السيطرة على حلب ومناطق “الإدارة الذاتية” والضغط على الأمريكان لتقديم تنازلات بخصوص منطقة “شرق الفرات” العالقة مع الإدارة الذاتية. إضافة لتأمين حصة لها في إعادة الإعمار، وللوصول إلى العاصمة السورية دمشق.
كما وأن الاقتصاد التركي يعتمد اعتماداً كلياً على تفعيل آلية النقل التجاري على هذين الطريقين بغية إعادة نشاط الاستثمارات التركية والمعامل، سيما وأن رؤية تركيا في عام 2023 تعتمد على التصدير ودخول الأسواق العربية، وبدون هذا الطريق لا يمكنها تنفيذ تلك الرؤية.
ثالثاً بالنسبة لإيران، التي يهمها السيطرة على حلب أيضًا، وبالتالي تكريس الوجود الإيراني ومشاركته الحصص، إضافة إلى الضغط على أمريكا لتقديم مزيد من التنازلات، ولمحاصرة الاستثمارات الروسية
من خلال انتزاع السيطرة المباشرة على الطريقين من قبل الروس.
وتعتبر الطريقان المنفذ الهام والحيوي لإيران للوصول للبحر المتوسط والسيطرة كلياً على ميناء اللاذقية المتنازع عليه مع روسيا، كما تضمن لإيران العودة إلى الساحة السورية بقوة كلاعب أساسي في إعادة الإعمار.
بالنسبة للإدارة الذاتية فقد تم الاهتمام على نحو خاص بالطريق الدولية M4 خلال حربها مع داعش، إذ تم تجديدها واعادة تعبيدها رغم وجود طرق داخل المحافظات الثلاث التي تسيطر عليها قسد، فهي ذات أهمية كبرى للمقيمين ضمن تلك المناطق، ولتأمين دخل لقسد من التجارة الدولية التي يطمح الجميع للسيطرة عليها من خلال التحكّم بالطريقين الدوليين، وتهدف قسد أيضاً إلى إبرازها كقوة محلية ذات قوة وهيمنة أمام دول الإقليم وخصوصاً تركيا التي تخشى من سيطرة قسد على الطريق.
/مصدر الفيديو: قناة الجزيرة- https://cutt.us/tqOna /
