تهديد بانهيار النظام ومفاجأة تخصّ انهيار الليرة .. رامي مخلوف في رسالته المصوّرة الثالثة

للمرة الثالثة خلال أقل من عشرين يوم يعود رامي مخلوف للظهور في مقطع مصوّر يروي فيه تطورات خلافه مع المقربين الجدد من بشار الأسد،ويستمر مخلوف بالتصعيد التدريجي في كلماته التي تمرّ بين السطور، ليصل إلى درجة أنه يربط التمادي على شخصه بانهيار النظام.

يحتاج ما يقوله ابن خال الأسد والمتحكم السابق بجزء كبير من الاقتصاد السوري إلى كثير من التحليل الجدي بعيداً عن حالة السخرية من رسائله في أوساط جمهور المعارضة، رغم أنه حالة السخرية ضرورية جداً مع أحد أركان النظام وواجهته المالية التي كان الاقتراب منها خطاً أحمر.

كثير من الملاحظات لفتت انتباهي في المقطع المصوّر الثالث لرامي مخلوف من حيث توقيته وما حمله من رسائل وألغاز وتهديدات، وفيما يلي أبرزها:

  • توقيت نشر المقطع الثالث بعد يوم من الظهور العلني لأسماء الأسد قد لا يكون مصادفة، خاصة أن ظهور أسماء كان في ورشة عمل لمشروعها المخصص لجرحى جيش النظام وعائلاتهم، وهو ما يعني أنها تلعب في الدائرة ذاتها التي يراهن رامي على وقوفها معه من خلال ما يقدمه من مساعدات لهذه الفئة من أبناء الطائفة العلوية.
  • تحميل مسؤولية الموظفين الموقوفين للجهات الأمنية يعني أن الأسد أغلق أمام مخلوف كل الأبواب التي من الممكن أن يلجأ إليها.
  • هناك ضغوطات على عائلة مخلوف بعدة مستويات، عبّر عنها بالقول: “الله يصبر أهلنا اللي عم يتضرروا كمان من هالأمور”.
  • هناك كلمات تحمل ترميزاً يفهمه أطراف الخلاف، وعلى عكس ما أعتقد أغلبنا أنه كلام بلا معنى، مثل: “الشركة شركة خير، شركة محبة، شركة خدمة لعيال الله”.
  • يحشر في حديثه أسماءً لأشخاص، مثل تلميحه اليوم عن طريف الأخرس عمّ أسماء، في مدخل حديثه عن الشركة الاحتكارية التي طُلب من رامي اعتمادها كمصدر وحيد لمشتريات سيرياتل، قال: “الجانب التاني طريف شوي” وفي الجملة التالية: “واللي هو الأخد والعطا”، مع محاولته التوقف عند حرف الخاء.
  • تكرار رامي لعبارات التهديد التي تعرّض لها “وإلاّ”، وربطها بعبارات مثل: “شوهالاقتصاد اللي في كل كلمة فيه تهديد”، يحمل في باطنه تنبيهاً للتجار والصناعيين الذين لم يغادروا البلد بمغادرتها، وإغراق المركب الاقتصادي المتهالك أساساً.
  • يغيب بشار الأسد عن الحديث، إلا في مرة واحدة عابرة، ويغيب الاستجداء السابق له، مما يشير إلى الأمور بينهما وصلت إلى طريق مسدود، ولم يعد يتنظر أي شيء من ابن عمته الذي تخلى عنه.
  • هناك قرار بإقصاء رامي مخلوف تماماً وعدم الاعتراف به، وحتى أن الطرف الآخر المتحكم رفض توقيعه على بعض العقود، ليعود ويقول بلهجة تحدٍّ: “اللي بيوقع عن الشركة هو أنا”,
  • من أهم ما جاء في الفيديو الجديد هو تهديد مخلوف الواضح بانهيار النظام في حال تم “التمادي عليه”، واستخدم رامي لغة جسد فيها تحدٍ على طريقة “عليّ وعلى أعدائي” حين قال: “بتنهار الشركة بينهار الاقتصاد بينهار … ما بعرف شو بينهار وقتها”.
  • على غير العادة في المقطعين السابقين، هناك مونتاج وقص واضح ضمن الفيديو.
  • الحديث عن الثنائيات بين الزوجين والليل والنهار والدولة والمواطن موجهة لبشار الأسد أنه لا يمكن أن يدير أعماله إلا بوجود شريكه الأزلي رامي مخلوف.
  • ذكر أثرياء الحرب مرتين، وهو ما يؤكد أن واجهات أسماء المالية هم المعنيون بالحديث، وبشكل خاص مهند دباغ الذي لم يكن يملك قبل 2011 إلا شركة حجوزات طيران صغيرة.
  • يقوم رامي بحركة غريبة بيده خارج السياق، حيث يمرر إصبعه تحت أنفه بطريقة تشبه تعاطي الهيروين، بالتزامن مع جملة: “من خلال الأعمال اللي عم تقوم فيها الشركة”، لا يمكن الجزم بأن الحركة مقصودة، لكنها ليست عملية حك أنف، ولم يحك أنفه في المقاطع الثلاثة إلا عند هذه الجملة.
  • الحديث الأهم على الإطلاق هو حديثه عن انهيار الليرة السورية، حيث اعتبر أن خسارة الليرة عشرة أضعاف قيمتها حتى منتصف 2019 أمراً طبيعياً نتيجة الظروف، لكن هناك “متغير” حصل منتصف 2019 أدى إلى أن يكون الانهيار ثلاثين ضعفاً، وهو ما عزاه بشار الأسد حينها إلى أغبى جواب في التاريخ، وهو أن سيطرته على مناطق جديدة يعني أن يتوقف “الإرهابيون” عن ضخ العملة الصعبة فيها.
    موضوع “المتغير” الذي أدى لانهيار الليرة الشديد يبدو أن رامي يهدد بفضحه، وهو متغير أدى لاحقاً لاتخاذ قرار إقصاء رامي، من خلال الحجز على أمواله في الشهر الأخير من 2019: “فجأة في متغير صار، وانتو بتعرفوا شو اللي صار”، طبعاً كلامه موجه للفئة الحاكمة الحالية التي تعرف ما يجهل عموم السوريين حول أسباب انهيار العملة المحلية.

يبدو أن القصة بين الطرفين ستطول، ولن يستسلم رامي مخلوف بسهولة لضغوطات الأسد ابن عمته والواجهات المالية الجديدة، رغم أن أقصى ما يمكننا الحصول عليه كمتابعين هو فضائحهم، لأنّ تركيبة النظام تجاوزت آل مخلوف بعد أن هَرِم كبيرهم محمد خال بشار والد رامي، ولم يعد في أيدي آل مخلوف من أوراق تكفي لخلخلة بنية النظام في حال قرر الأخير نبذهم خارجه.

الكاتب: فراس ديبة / سيريا بريس

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

أفكار وآمال السوريين بين الاغتراب والداخل

اتسعت ابتسامة السوريين ذلك الفجر المفعم برائحة الياسمين وبعبق قلوب الأمهات تناجي أولادها "تحررنا هل من عودة"، دموع انهمرت لساعات حول العالم كغيمة صيف...

الحرب الثانية في درعا.. الجفاف ونزيف البشر

على كتف بحيرة، أضحت أثرًا بعد عين، ترامت مراكب صغيرة حملت ذكريات المصطافين لسنوات طويلة غير معلومة، واضمحلت المياه إلى أن تلاشت، ثم تحول...

مستشفى تشرين .. مصنع شهادات الموت المزورة لآلاف المفقودين السوريين

الصور الصادمة التي شاهدها العالم لآلاف السوريين وهم يبحثون عن ذويهم المعتقلين والمختفين في سجن صيدنايا، بعد سقوط حكم الرئيس السوري المخلوع بشار...

سوريّات في فخ “تطبيقات البث المباشر”..بين دعارة إلكترونية واتجار بالبشر

يستقصي هذا التحقيق تفشي “تطبيقات البث المباشر” داخل سوريا، ووقوع العديد من الفتيات في فخ تلك التطبيقات، ليجدن أنفسهن يمارسن شكلاً من أشكال “الدعارة...

ابتزاز واغتصابٌ وتعذيب.. سوريون محاصرون في مراكز الاحتجاز اللّيبية

يستقصي هذا التحقيق أحوال المحتجزين السوريين في ليبيا خلافاً للقانون الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وخاصة تلك التي تتبع “جهاز دعم...
Exit mobile version