أظهر تقرير نشرته منظمة “أنقذوا الأطفال” أن الأطفال في مخيم الهول شمال شرق سوريا يشهدون مستويات مدمرة من العنف يومياً تؤدي إلى كوابيس منتظمة واضطرابات نفسية وتهديدات كبيرة لحياتهم.
وعرضت المنظمة في تقرير لها، شهادات الأطفال في مخيم الهول عن جرائم وانتهاكات شاهدوها، وكيف انعكست نفسيا عليهم بشكل سلبي للغاية، وفق ما أبلغها به أولياء الطلاب أو معلموهم في المدارس.
القتل والعنف أمام أعين الاطفال
بحسب التقرير الذي تضمن مقابلات مع أكثر من 20 عائلة سورية وعراقية، شهد كثير من الأطفال إطلاق نار وطعنا وخنقا في أثناء ذهابهم إلى السوق أو المدرسة، ورأى آخرون جيرانهم وهم يقتلون في خيامهم.
وأخبرت هادية منظمة “أنقذوا الأطفال” أن ابنها زياد، 12 عاماً، رأى صديقه المقرب ووالد صديقه يقتلون بالرصاص وقالت: “لما عاد طفلي إلى البيت رفض أن يأكل أو يشرب، إنه يذكر دائما اسم ابن جارنا في أحلامه، ويسألني باستمرار لماذا قُتل صديقه وماذا فعل ليستحق أن يُقتل”.
وأضافت:” كان يقول لي ابني، قد أقتل مثل صديقي، وفي أثناء نومه يقول قتلت صديقي، قتلت صديقي. لقد مرت تسعة أشهر على الحادث – لا يزال لديه نفس الحلم، لقد كانا صديقين مقربين”.
ناصر، مدرس قابلته منظمة “أنقذوا الأطفال”، قال: “ذات يوم جاء طلابي وأخبروني أن امرأة وشقيقها قُتلا. لقد رأوه في طريقهم إلى المدرسة. بدؤوا في إعطاء تفاصيل حول كيفية إطلاق النار على الأخ وخنق أخته برباط الحذاء وكيف كان أطفالهم يصرخون ويبكون على والديهم القتلى. كنت خائفة من سماع ما شاهدوه. هذا شائع “.
أزمات نفسية وكوابيس منتظمة
ويقول التقرير إن الأطفال يتبولون في الفراش ويتقيؤون ويفقدون شهيتهم. يشعر الكثير منهم، بما في ذلك الأطفال الصغار جداً، باليأس بشأن مستقبلهم، كما يعانون من كوابيس منتظمة تشمل العنف والقتل، ويكافحون مع الأرق، ويلجؤون إلى السلوك العدواني وغير قادرين على التركيز في المدرس.
وتقول فضيلة التي تعتني بطفل زوجها البالغ من العمر خمس سنوات واسمه “نصر”: “إن والده نجا من محاولة قتل، ومنذ ذلك الحين ألاحظ أن نصراً مشغول البال دائماً. سألته ما هي المشكلة، أجابني أنه يريد أن يموت.. أقول له لا يجب أن تقول شيئاً كهذا، في المستقبل سوف تكبر وتصبح مدرساً أو طبيباً.. يجيب قائلاً إنه لا يريد ذلك يريد أن يموت الآن فقط”.
هذا ليس مكانا يكبر فيه الأطفال
وتعليقاً على هذه الاضطرابات النفسية “القاتلة”، قالت مديرة استجابة منظمة “أنقذوا الأطفال” في سوريا، سونيا كوش إنه من غير المقبول تماماً أن يكون لدينا أطفال في الخامسة من العمر في الهول يخبرون والديهم أنهم يريدون الموت.
وأشارت إلى أن مستوى العنف الذي يتعرض له الأطفال في مخيم الهول بشكل يومي يعد مروعا، مشددة على أنه لا يمكنهم الاستمرار في العيش بمثل هذه الظروف المؤلمة.
وأضافت:” هؤلاء الاطفال بحاجة ماسة إلى الحصول على المزيد من الدعم النفسي والاجتماعي للتأقلم مع تجاربهم، والحل الدائم الوحيد لهذا الوضع هو دعمهم وعائلاتهم ليتمكنوا من مغادرة المخيم بأمان وطواعية. هذا ليس مكاناً يكبر فيه الأطفال”.
أخطر مكان على الأطفال
ويأتي هذا التقرير بعد أربعة أسابيع فقط من مقتل طفل وإصابة خمسة أطفال آخرين خلال أعمال عنف في المخيم.
ويعد مخيم الهول، من أخطر الأماكن في العالم على الأطفال، حيث وقعت 98% من الهجمات داخله، في القسم الرئيسي من المخيم، وهو مخصص لرجال ونساء وأطفال سوريين وعراقيين.
يذكر بأنه وفي أعقاب حرب الخليج في تسعينيات القرن الماضي، أنشأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مخيماً على مشارف بلدة الهول بالتنسيق مع الحكومة السورية.
وتقع البلدة في شرقي محافظة الحسكة السورية، وتخضع حالياً لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من التحالف الدولي.
