كشف تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، عن مقابر جماعية سرية جديدة بسوريا، تضم آلاف الجثث لمعتقلين في سجون النظام السوري، بما يشكل أدلة جديدة على ارتكابه جرائم حرب.
وذكرت الصحيفة في تحقيقها، أنها استطاعت تحديد موقع مقبرتين جماعيتين الأولى في نجها جنوب دمشق، والثانية في القطيفة شمالها، ومن المتوقع أنهما تضمان آلاف الجثث لسوريين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام.
وعملت الصحيفة الأمريكية على الوصول إلى شهادات لأشخاص عملوا داخل المقابر الجماعية، أو مصادر مطلعة، واستطاعت تحديد موقع المقبرتين، وتقديم أدلة ووثائق تثبت ذلك.
الشاهد الأول
وقال الشاهد الأول، إنه عمل قبل انطلاق الثورة السورية في أحد المراكز الحكومية، وكان مشرفا على مدافن المدنيين، قبل أن يتم تجنيده من قبل ضباط المخابرات في منتصف 2011، للتخلص من الجثث القادمة من مراكز الاحتجاز عبر المستشفيات.
وأشار إلى أنه عمل بمقبرة في بلدة نجها، جنوب دمشق لمدة سنتين تقريبا، منوها إلى أنه كان في البداية مشرفا على عدد قليل من العمال الذين دفنوا أعدادا قليلة من الجثث، ولكن مع تصاعد حدة الصراع، ازدادت الأعداد بشكل كبير.
ولفت إلى الجثث كان تصل إلى المقابر بواسطة شاحنات التبريد الكبيرة المخصصة لنقل الطعام، منوها إلى أن علامات التعذيب كان ظاهرة على معظم الجثث.
وأضاف: “خلال سنوات عملي في المقابر الجماعية، قام فريق العمل بتفريغ شاحنتين نحو مرتين أسبوعيا، تحمل كل منهما 150 جثة إلى 600 جثة، كما تلقى الفريق عشرات الجثث أسبوعيا”.
ونوه إلى أنه كان مشرفا على العمل فقط، ولم يدفن الجثث بنفسه، مشيرا إلى أنه تلقى أوراقا من المستشفيات توضح عدد الجثث التي جاءت من مركز الاحتجاز.
وختم القول: “سجلت هذه الأرقام في دفتر بمكتبي، لكنني تركت تلك الأوراق هناك عندما هربت من سوريا عام 2017”.
تظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة لمقبرة نجها خلال تلك الفترة قبوراً ممتلئة، كما تظهر صورة ملتقطة في عام 2012 شاحنة وجهت خلفيتها نحو القبور، ومركبة بيضاء ظهرت بالقرب منها، يرجح أنها سيارة نقل.
مقبرة جماعية في القطيفة
من جانبه، أفاد الشاهد الثاني، والذي عمل كسائق جرافة في مقبرة “نجها” لمدة سبعة أشهر بإنشاء حكومة النظام مقبرة جماعية جديدة بالقرب من قاعدة عسكرية للنظام في بلدة القطيفة بريف دمشق.
كلامٌ أكده أحد الجنود المنشقين عن جيش النظام وهو وليد هاشم، والذي أشار إلى أنه وخلال تواجده في القطيفة قبل انشقاقه عام 2012، كان شاهدا على وجود مقبرة جماعية فيها، منوها إلى أن المنطقة كانت تحت حراسة مشددة، وكل من عمل في المنطقة لديه معرفة بموقع المقبرة.
الصحيفة الأمريكية، أشارت إلى أن أن معرفة عدد الجثث في المقابر الجماعية والتعرف عليها، هو أمر غير ممكن حاليا، مشيرة إلى أن ذلك يحتاج إلى نبش هذه المقابر، وهو ما يعد مستحيلا في ظل وجود النظام السوري واستمرار الدعم الروسي له.
وشددت على أن أهمية الكشف عن المقابر الجماعية تكمن بلفت الانتباه إلى الجرائم والانتهاكات في سوريا، منوهة إلى أن أحد الرجال الذين قابلتهم الصحيفة تم إحضاره إلى واشنطن هذا الأسبوع للتحدث مع أعضاء الكونغرس وآخرين بشأنها، بهدف لفت الانتباه إلى تلك “الفظائع”.
لا سلام دون حل قضية المعتقلين
تنقل الصحيفة، عن رئيس رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، دياب سرية قوله: “إن لم يتم حل قضية المفقودين والمختفين قسرياً، فلن يكون هنالك سلام في سوريا، إذ في كل يوم تردنا اتصالات من أشخاص يرغبون بمعرفة مكان أبنائهم” ومعظم هؤلاء يقولون: “أريد أن أرى القبر فقط حتى أضع عليه وردة”.
يذكر أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وثقت مقتل 14449 شخصاً تحت التعذيب، بينهم 174 طفلاً و74 سيدة على يد قوات النظام السوري منذ آذار 2011.