قال تحقيق صادر عن مجموعة من الصحفيين الاستقصائيين بقيادة “لايتهاوس ريبورتس” (Lighthouse Reports) و”مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد”، إن عدة دول أوروبية تشتري الفوسفات السوري عبر شركة روسية وسورية، في عملية تحايل على العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على النظام السوري.
وبحسب ما نشره موقع “Lighthouse Reports”، أمس الخميس، بعنوان “أوروبا تشتري فوسفات ملطخة بالدماء من سوريا”، فإن أسواق الأسمدة الأوروبية، بدأت منذ عام 2018 بشراء فوسفات من سوريا، تصدرها شركة روسية خاضعة للعقوبات في سوريا.
ووفق التحقيق، تخفي السفن التي تحمل الفوسفات من سوريا إلى أوروبا أنشطتها عن طريق إيقاف تشغيل أنظمة التتبع الخاصة بها في طريقها إلى ميناء طرطوس، وهو المنطلق الرئيسي لشحن الفوسفات في سوريا، ثم تشغيل الأنظمة مرة أخرى عند رحلة العودة.
وبدأت إيطاليا استيراد الفوسفات السوري في عام 2020 وبلغاريا في عام 2021 وإسبانيا وبولندا في وقت سابق من العام الجاري.
ووفقًا لبيانات وزارة التجارة الخارجية السورية، كانت صربيا وأوكرانيا من العملاء الرئيسيين أيضًا إذ استورد هذان البلدان أكثر من 80 مليون دولار من الفوسفات السوري منذ عام 2019.
الطريق لمعرفة تفاصيل توريد الفوسفات
نشر ميناء طرطوس بيانات عبر صفحته على “فيس بوك” تحدد السفن التي رست وحمولاتها الواردة والصادرة، ثم توقف بعد ذلك عن نشر تحديثاته.
تمكن الصحفيون من رصد الشحنات السابقة من خلال استعادة الإصدارات المؤرشفة من موقع الميناء، وعلى صفحات سورية أخرى على “فيس بوك”، والتي كانت تعيد مشاركة بيانات الميناء بشكل روتيني.
وتمكنوا من خلال البحث عن مقالات إخبارية ومحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي ينشره عمال الرصيف، من تتبع الشحنات الحالية.
وحصل القائمون على التحقيق على سجلات الجمارك السورية، من خلال آلية حرية المعلومات التي أثبتت أن الفوسفات السورية لديها عملاء أوروبيين، بالتعاون مع الشركاء في “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” (OCCRP) وسبعة من المراكز الأعضاء في جميع أنحاء أوروبا.
وتم معرفة تفاصيل سلسلة التوريد “الغامضة” للوسطاء العالميين من خلال فحص سجلات الشركات وبيانات التجارة في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، التي أظهرت تورط شركة “مديترانيين” للبترول والشحن.
المسؤول المباشر عن التوريد
يعد غينادي تيموشينكو، المسؤول المباشر عن عمليات توريد الفوسفات السوري إلى الأسواق الأوروبية، بحسب التحقيق، حيث تحصل سوريا على 30% من عائدات مبيعات الفوسفات، وفقًا للعقد المبرم مع شركة “Stroytransgaz” التي يملكها.
ولفت التحقيق إلى أن تيموشينكو واحد من أغنى وأقوى الرجال في روسيا، وهو صديق وشريك في لعبة “الجودو” لفلاديمير بوتين، وقامت شركته الهندسية والإنشائية “Stroytransgaz” (سترويترانسغاز) بالعديد من النشاطات في قطاع النفط والغاز في الشرق الأوسط.
تحايل عبر شركات وهمية
وصرّح الخبير الاقتصادي السوري، كرم الشعار “بالطبع تصدير الفوسفات إلى أوروبا انتهاك للعقوبات، لكن معظم البلدان لا تفهم هيكل المنظمات التي فرضت عقوبات عليها”.
وأشار إلى أن هذا التحقيق، يظهر كيف يمكن التحايل على العقوبات من خلال سلاسل التوريد المبهمة أو عن طريق توجيه الأموال والبضائع عبر شركات تابعة غير معروفة للشركات المستهدفة.
كان مدير الشركة الشركة العامة للفوسفات والمناجم في حكومة النظام السوري، غسان خليل، أعلن في عام 2018 تصدير الفوسفات إلى السوق الأوروبية، دون توضيح آلية التصدير، خاصة في ظل وجود عقوبات اقتصادية تمنع الاستيراد والتصدير.
يذكر أن سوريا، تحتل المرتبة الخامسة في قائمة الدول المصدرة للفوسفات في العالم عام 2011، وتعد الهند وروسيا ولبنان ورومانيا واليونان من أبرز الدول المستوردة.
وتمتلك سوريا ثالث أكبر احتياطي عربي بعد المغرب و الجزائر من الفوسفات، وتتركز المناجم الأساسية قرب تدمر وبالتحديد في منطقتي خنيفيس والشرقية، والمناجم الموجودة هناك مرتبطة بخط حديدي حتى ميناء طرطوس.