تستغل روسيا فرض سيطرتها الأمنية والعسكرية على سوريا وإمساكها بالخيوط السياسية والإدارية لنظام الأسد، لتزيد من وتيرة عمليات تجنيد “المرتزقة” خاصة في محافظة السويداء جنوبي البلاد، بهدف استخدامهم كمقاتلين لصالح قوات حفتر في ليبيا أو من أجل حراسة المنشآت النفطية في فنزويلا.
تجنيد “المرتزقة” بكلا الوجهتين تتم عن طريق شركات أمنية روسية، أشهرها شركة “فاغنر” المقربة من الكرملين، وبمساعدة شركات وشخصيات محلية سورية، بدأت تظهر أخيرا كوسيط بين الشبان المستهدفين، وقاعدة “حميميم” الروسية على الساحل السوري، والتي تدير كامل العملية بتعاون من أجهزة النظام الأمنية.
عمليات التجنيد تتم بشكل منظّم
مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا أكدت أن عمليات التجنيد تتم بشكل منظم وبعقود ورواتب شهرية تتراوح بين 500 و3000 دولار، مضيفة أن المئات من شبان محافظة السويداء، جندوا كمرتزقة للقتال في ليبيا وكحرس للمنشآت والشركات في فنزويلا مؤكدة أن قاعدة “حميميم” تعتبر نقطة التمركز والانطلاق وهي المسؤولة عن توقيع العقود مع شركات خاصة للتجنيد وبتسهيلات من النظام.
الشاب “وليد البيك” أحد الذين جندوا أخيرا، قال لموقع تلفزيون سوريا “إنه جند من أجل تأمين طلبات معيشة أسرته”، مؤكداً أن ما دفعه ليصبح مرتزقاً هو الفقر والعوز.
وأكمل وليد حديثه مبينا أنه ذهب إلى محام في مدينة شهبا يدعى “محمد باكير” لتسجيل اسمه ضمن قوائم الراغبين في التجنيد والتي تنص على حماية المنشآت الروسية وبعد مضي أربعة أيام تواصل معه المحامي محمد باكير وطلب منه تجهيز نفسه لينطلق صباح يوم الأربعاء السادس عشر من شهر تشرين الثاني الحالي إلى قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية.
وأشار الشاب إلى أنه عند وصوله مع شبان آخرين إلى القاعدة التقوا بعدد من العسكريين الروس، الذين قاموا بفرزهم فكان نصيبه أن سافر إلى ليبيا باليوم نفسه، في حين عاد آخرون منتظرين موعدا آخر.
من يقوم بتجنيد الشبان؟
أحد الشهود والذي فضل عدم كشف اسمه، أكد أن المحامي “محمد باكير” المنحدر من مدينة شهبا في محافظة السويداء يعمل كسمسار للتجنيد، وسافر مع مجموعة إلى قاعدة حميميم قبل عدة أيام، لكنه عاد من القاعدة إلى السويداء بعد يوم واحد من دون أن يتمكن من إلحاق مجنديه بسبب وجود أعداد كبيرة هناك، حيث طلب منه مسؤول تابع للنظام موجود في القاعدة العودة بعد أسبوع.
بحسب مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا فإن عمليات التجنيد إلى ليبيا تجري بشكل ممنهج، وهناك ضباط وصف ضباط من قوات النظام يعملون كوسطاء وسماسرة بالتنسيق مع القوات الروسية والشركات الأمنية، مقابل حصولهم على مبالغ مالية معينة لقاء تجنيد كل عنصر، وتتراوح بين 100 و200 دولار أميركي، وهناك العديد من الشركات الأمنية التي تعمل بهذا المجال منها شركة “الصياد” للحراسات الأمنية، والتي تعتبر أحد أذرع شركة “فاغنر” الروسية.
وينتشر عملاء للشركات الأمنية من أبناء محافظة السويداء في مناطق متفرقة، معظهم في مدن السويداء وشهبا وصلخد، لتجنيد الشباب كمرتزقة، حيث يعمل هؤلاء العملاء كوسطاء بين الشركة الأمنية والراغبين في الانتساب، مقابل حصولهم على مبالغ تتراوح بين 20 و150 دولارا عن كل شخص يقومون بتجنيده.
وعود بتسويات أمنية
وبحسب شهادات قدمها عدة أشخاص قرروا السفر إلى ليبيا، فإن هؤلاء العملاء قدموا لهم وعوداً بإجراء تسوية أمنية للمطلوبين، عبر القوات الروسية، حيث إن معظم الأشخاص الذين ينتسبون مطلوبون للخدمة الإلزامية والاحتياطية أو مطلوبون بقضايا أمنية وجنائية مختلفة، ما يشير إلى تنسيق عالي المستوى بين النظام والقوات الروسية، وشركات تجنيد المرتزقة.
وتيرة تجنيد المرتزقة للقتال في ليبيا أو فنزويلا تتزايد يوما بعد آخر، خاصة بعد عودة بعض الأشخاص الذين قضوا ثلاثة أشهر في ليبيا، وبحوزتهم الأموال التي وعدوهم بها.
المصادر أكدت أن كل من يلتحق بالتجنيد ويعود يطلب لمحكمة الإرهاب التابعة للنظام، كمحاولة من النظام للتغطية على الموضوع، وابتزاز من جندوا لاستخدامهم مستقبلا.
العمل كمرتزقة هرباً من التجنيد الإجباري
الباحث المختص في الشأن السوري محمد سكري قال لموقع تلفزيون سوريا إن “سبب قبول الشباب بالطرح الروسي والتجنيد، التخوف من إمكانية شن النظام مدعوماً بروسيا عمليات عسكرية على غرار تلك التي قام بها في درعا بغية إنهاء ثقل ووجود حزب اللواء السوري وذراعه العسكري “قوة مكافحة الإرهاب”، مما دفعهم لإعادة النظر بضرورة تنظيم أوضاعهم القانونية رسمياً عبر التسويات الأمنية مع النظام من خلال الوعود التي قدمت لكل من يقوم بالسفر إلى ليبيا بوساطة روسية”.
سكري أضاف أن “أهم سبب لقبول الشباب التجنيد هو البعد الاقتصادي السيئ في السويداء مما يجعل خيار السفر والاغتراب أمام الشباب فرصة مناسبة في ظل تعقد الحالة السياسية والعسكرية في سوريا وتركيز النظام على المدينة أكثر من أيّ وقتٍ مضى”.
وبحسب المصادر يعود إقبال الشبان على التجنيد “كمرتزقة” في محافظة “السويداء” لعدة أسباب أهمها الفقر وانتشار البطالة وتردي الوضع المعيشي وملاحقة الشبان من قبل قوات النظام من أجل الخدمة الإلزامية والاحتياطية التي يرفضون الالتحاق بها.
المصدر _ تلفزيون سوريا