اتفق العالم بأسره، أن مكافحة وباء كورونا، قبل اكتشاف اللقاح، تكمن بالتزام المنازل والتباعد الاجتماعي والحيطة بحال الاضطرار لمغادرة المنزل، فكيف يمكن لهذه الثلاثية أن تسري على من لا منزل له ولا يمكنه التباعد ولا حتى الحيطة.
إنهم سوريو المخيمات، فهم متقاربون بحكم الحاجة، فالخيمة لا تبتعد سوى متر واحد عن جارتها، وليس من أي مجال متاح للحيطة، فكأس الماء محسوب على مستخدمه، إن توفر النقي منه طبعاً، وليس من سبيل لكثيرين، لارتداء الكمامة التي يقترب سعرها من ألف ليرة سورية…وهم أصلاً من دون منازل بعد أن هجرهم حلمهم بالحرية واختلاف مصالح المحتلين
وطغيان عصابة الأسد الممنوحة جميع الأضواء لتقتل وتبيد وتهجّر، حتى عبر الأسلحة الكيماوية، بدليل ذكرى مجزرة الغوطة السابعة، التي مرت بصمت قبل أيام.
بداية تأريخ الكارثة هو 21 آب 2020، وقت توفى الله أول سورية بالمخيم، وليس 22 آذار وقت إعلان أول إصابة بالوباء أو 29 الشهر ذاته، يوم تم تسجيل أول وفاة سوري مصاب بالوباء.
وهنا، لا نقلل من المخاطر المحيقة بجميع السوريين، فأهلنا بمناطق سيطرة الأسد، ربما ليسوا أحسن حالاً من إخوتهم بالمخيمات، فالتفقير والإذلال بدمشق، وتفشي الاصابات بجميع المدن، تنذر بطوفان رغم التضليل والكذب، فتضحية عشرات الأطباء بأنفسهم، ليسدوا فراغ نقص الأدوية والمستلزمات، أيضاً تأريخ، وموت مدير المشفى العسكري بدمشق، مصطفى درويش الذي أشرف وعذب معتقلي الغوطة وقتلهم، أيضاً تأريخ، وتأريخ أيضاً، أن يطاول وباء كورونا، طبيب الفقراء السوري، إحسان عز الدين، بيد أن حيطان المنزل، لها تأريخ أوجع ومن الأثمان مالا يقدر، ولا يشعر به إلا فاقدها.
قصارى القول نداء خطر واستغاثة، فسوريا في ظل العصابة، مرشحة للفناء، فمن نجا من البراميل والقتل تحت العذيب والتجويع، مهدد اليوم بواقع متوالية الاصابات، إن بمناطق ميليشيا “قسد” المتوفى فيها 47 مصاباً أو مدن سيطرة عصابات الأسد المصاب فيها 2143 ليبقى الخطر الأكبر، بسوريا المخيمات وسكان البراري ونازحو الحدود، بعد زحف كرونا.
السريع عبر 59 إصابة، ووفاة -كما أسلفنا- السيدة الثمانينية من بلدة التمانعة بريف خان شيخون، مهجرّة على أرض ملاصقة لمخيم بين مدينتي سرمدا والدانا بريف إدلب الشمالي الغربي، وعزل مصابين في مشفى اعزاز، كانا بمخيم “السلامة” فهناك، بوطن السوريين الجديد، لا مجال للحجر ولا طاقة للتعقيم ولا مالا حتى لارتداء كمامة، فما تجود به المنظمات، بعد انسحاب الدول، بالكاد يكفي للخبز ويحصن بيع، ما يباع لمرة واحدة.
نهاية القول: يعيش نيف وثلاثة ملايين سوري بمناطق شمال غرب سورية المحررة، وثلث هؤلاء، سكان وضيوف، نزحوا إلى المخيمات وبراري الحدود، وجميعهم اليوم ينتظرون المجهول، إن عبر كورونا أو فصل موت جديد، بدأت ملامحه ومخاوفه تتعاظمان، بعد دخول أرتال عسكرية تركية عبر معبر “كفر لوسين” وتعزيز نقاط المراقبة شرقي اللاذقية وشمال إدلب وغربها، وكأن اختلاف مصالح جديدة تلوح بالأفق، أو جرعة دولية وصلت للأسد وإيران.
فأن تدخل قبل يومين، 525 آلية عسكرية تركية، بينها دبابات ومدافع ميدانية لإدلب، فهذا ينبئ بأبعد من التصدي لخروقات الأسد وإيران ولا يدلل بحال من الأحوال، على حمل تلك الدبابات علاجاً لكورونا.
عدنان عبد الرزاق_ زمان الوصل