تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضاء للتشهير والإساءة باللاجئات العربيات المطلقات في ألمانيا، صفحات على “تيك توك” تختص في نشر قصص لاجئين عرب يعتبرون أنفسهم ضحايا، بسبب تخلي زوجاتهم عنهم في ألمانيا، وفيديوهات تسخر وتسيء من المطلقات في ألمانيا.
لكن لماذا يرفض بعض اللاجئين العرب تقبل الطلاق، وكيف تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى وسائل للانتقام من المطلقات؟ ولماذا ينظر إلى اللاجئة العربية المطلقة باحتقار؟
“النساء العربيات يقمن باستغلال القانون الألماني”
كيف استغلت المرأة السورية القانون الألماني ضد زوجها؟ هكذا يعنون فادي، شاب سوري، فيديو على قناته في “تيك توك،” التي تتضمن عدداً كبيراً من الفيديوهات تنتقد المطلقات العربيات، ويشير فادي في فيديو على صفحته في “تيك توك”، إلى “أن بعض النساء العربيات يقمن باستغلال القانون الألماني، ويتهمن أزواجهنّ بتعنيفهنّ وأطفالهنّ، أو اغتصاب أطفالهنّ، وأنهنّ ليس لديهنّ حياء أو رادع ديني وهدفهنّ هو الانتقام من أزواجهنّ”، ويعتبر فادي في فيديوهاته أن اللاجئات العربيات طلبن الطلاق بمجرد وصولهنّ إلى ألمانيا لأجل الحصول على حريتهنّ.
“ضحايا المطلقات”
وتحظى فيديوهاته بمتابعة ودعم من عدد كبير من اللاجئين، الذين يعتبرونه مدافعاً عن حقوق الرجال “ضحايا المطلقات” على حد تعبيرهم.
وينشر بعض الشباب العربي على صفحاتهم على “تيك توك” فيديوهات لمدن ألمانية، أطلقوا عليها عواصم النساء العربيات المطلقات.
وفي مقابل حملة الإساءة للمرأة العربية المطلقة، تنتقد سمر، فلسطينية، هذه الفيديوهات، معتبرة أن حديث بعض العرب عن شرف طليقاتهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي غير مقبول، مضيفة، “لنفترض أن المرأة كانت مخطئة، فلا ينبغي الإساءة إليها”.
هل كانت أسرنا في الدول العربية سعيدة؟
وينحو بعض العرب اللاجئين على صفحاتهم في “تيك توك” باللائمة على الدول الأوروبية، معتبرين أنها تمنح النساء العربيات مساعدات مادية والسكن، ما يدفعهم إلى التخلي عن أزواجهنّ، وفي هذا السياق، ترد، تهاني، لاجئة سورية بألمانيا قائلة، “لا ينبغي تحميل أوروبا سبب ارتفاع نسب الطلاق في صفوف الجالية العربية، لأن هذه الدول الأوروبية فتحت لنا أبوابها واستقبلتنا، لم تدمر أسرنا، بل ينبغي النظر إلى أسرنا في البلدان العربية هل كانت سعيدة، لذا نحن من نتحمل مسؤولية ذلك”.
ونشرت صفحات على “تيك وتوك” و”يوتيوب” قصص لاجئين عرب يتحدثون عن تجاربهم مع لمّ الشمل وكيف أنفقوا آلاف الدولارات لاستقدام زوجاتهم من بلدانهم، لكن بمجرد ما وصلن إلى ألمانيا طلبن الطلاق، على حد تعبيرهم، بينما يتحدث لاجئ عربي في بثّ مباشر على “تيك توك” عن أن طليقته طلبت منه الطلاق بسبب أنها تعرفت على شاب آخر، ونشر معلومات خاصة عنها ومكان سكنها، وتضمن الفيديو عبارات مسيئة لطليقته، وحقق العديد من المشاهدات.
“المرأة المطلقة ليست عاهرة”
من جهته، يعتبر، خالد، لاجئ سوري في ألمانيا، أن “المرأة المطلقة ليست عاهرة، نحن نعيش في هذا العصر لكن للأسف، ما زال البعض يعتبر أن النساء المطلقات منحرفات، لا أعرف لماذا يتم النظر لهذه الفئة من النساء على أنهنّ سيئات”.
ولفهم الأسباب النفسية والاجتماعية التي تدفع بعض اللاجئين العرب إلى التشهير واحتقار طليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول المختص في علم النفس رضا أمحاسني، “لأن هذه الفئة من الرجال ليست لديهم الإمكانية لتعنيف طليقاتهم مادياً، عبر ضربهنّ أو قتلهنّ أو حرقهنّ خوفاً من المتابعة، وأيضاً لأن السلطات تجرّم تعنيف النساء بألمانيا، لهذا يفرغون حقدهم وكرههم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فهذه المنصات تعد بالنسبة لهم بديلاً يمنحهم فرصة لتفريغ كراهيتهم”.
“هشاشة نفسية لدى بعض اللاجئين العرب”
ويمضي المختص في علم النفس قائلاً، “هذه الفيديوهات تكشف عن وجود هشاشة نفسية لدى بعض اللاجئين العرب، وعدم قدرتهم على فهم الأدوار الاجتماعية وطبيعة مؤسسة الأسرة”، ويؤكد أن “هذا العنف الافتراضي من الممكن أن ينتقل إلى الواقع، لأن هناك فيديوهات تتضمن تحريضاً على القتل، وهناك صعوبة للسلطات الألمانية لتتبع هذه الفيديوهات بسبب أن غالبيتها باللغة العربية، كما أن هناك كمّاً هائلاً من الفيديوهات تتضمن رسائل كراهية تعبّر عن حمولات ثقافية خاصة بشعوب عربية معينة”.
رجال نرجسيون
ويضيف أمحاسني، “من ينشرون هذه الفيديوهات هم نرجسيون ويرفضون تقبل أن زوجاتهم قررن تركهم، وبدأن حياة جديدة، كما عاينا في الفيديوهات أن هؤلاء الرجال معظمهم يرفضون منح زوجاتهم حقهنّ في العمل والدراسة”، ويتابع المختص في علم النفس، “النظر إلى المرأة على أنها ملكية خاصة، استلمها الزوج من عائلاتها وأنه ليست لديها أهداف أو رغبات، مهمتها هي طاعته، هو نموج سائد في بعض المجتمعات العربية، وللأسف بعض اللاجئين العرب نقلوا معهم نظرتهم إلى مؤسسة الزواج إلى بلد اللجوء ألمانيا، حيث تتمتع المرأة بحقوق مثل الرجل، وأرادوا تشييد أسر تنبني على السلطة المطلقة للزوج، وخضوع المرأة، وأنه من حقهم تعنيف المرأة”، ويتابع، “لكنهم لم يدركوا أن زوجاتهم أصبحن أكثر وعياً بحقوقهنّ من خلال المؤسسات والمنظمات المخصصة للنساء في ألمانيا، وأنهنّ وجدن الحماية من العنف الزوجي وأيضاّ لديهنّ الحق في السكن بعد الطلاق ولن يكون مصيرهنّ التشرد”.
ارتفاع طلاق العربيات
وكانت المنظمة غير الربحية “ذي كونفرزيشن” قد نشرت تقريراً عن ارتفاع طلاق العربيات من أزواجهنّ بمجرد الوصول للعيش في البلدان الغربية، اعتبر أن العديد من اللاجئات قررن استغلال حياتهنّ في المجتمعات الغربية العلمانية لطلب الطلاق، والسبب يرجع في الغالب إلى إساءة الأزواج.
إلهام الطالبي _ إندبندنت عربية