الطريق إلى سوخومي …

تتشابه إلى حد كبير أوضاع سوريا الأسد مع أبخازيا في أنهما لا يحظيان باعتراف العالم سوى بعض الدول المارقة التي تتزعمها روسيا المافوية، ولذلك تتقاطعان في الحب الذي عبرتا عنه بفتح الطريق مباشرة بين الأبخازيين والسوريين من دون تأشيرة، فالأبواب مشرعة إلى العاصمتين المعزولتين الفقيرتين.

الطرفان البائسان يجمعها البحث الحثيث عن مخرج لهذه العزلة الدولية فماذا يعني أبخازيا أن تعترف بها روسيا ونيكاراغوا وفنزويلا وناورو.. وسوريا المهشمة والمهمشة، ولكن ادعاء النجاة يعني للنظام في سوريا أنه ما زال على سرير الحياة، وأنه يستطيع أنه يعقد اتفاقات الشراكة حتى مع أمثاله فهم بالأمس القريب كانوا يرون فيه مدعاة عار لكل من يرى فيه سلطة حقيقية.

ويريد النظام أن يقول للسوريين هأنذا أفتح لكم أبواب الفرج من طوابير البنزين والخبز، وهناك تستطيعون أن تجدوا رغم فقر الأبخازيين ملاذاً وكهرباء وماء، وكذلك من سبقكم حصل على الإقامة الدائمة ويستطيع التصويت في الانتخابات وهنا لا يمكنك أن تفعلوا، وأصدقاؤنا الأبخار يريدون بشرا ليصيروا دولة وأنا لا أريد أن تظلموا معي فقد دفعتم ما يكفي من الذل والفقر كي أبقى.

هناك شاورما وفلافل وشعب طيب همّه أن يعيش في دولة، ويمكن للسوريين الحالمين بالدولة أن يسهموا في ذلك فكلا الشعبين يجمعها هدف واحد هو الحياة في دولة طالما اققتدها السوري الذي جرب ستة عقود في حكم العصابة.

أيضاً أنتم يا من حرمتم من مشاوير البحر لأنكم صيفكم عمل وشقاء لكي تعيشوا يمكنكم أن تمارسوا شهوة السباحة والسهر والأرجيلة دون عناء، ولأن اللاذقية أبعد من سوخومي على البحر الأسود فأنصحكم بالعيش فيها، وقد عاشت نفس مآسي الحرب هي أيضاً، واللاذقية لم تعد مدينة سورية فقد اضطررت لبيعها للروس كي أنقذ كرسي حكمكم من الهلاك..أترضون له الهلاك؟. يا شعبي الحالم بالهجرة ربما لا تعرفون أن لا طائرة تستطيع أن تقلكم من دمشق إلى الحلم الأبخازي الجميل لكنكم لن تعجزوا في حلول الفرار فقد جربتم البحار والغرق وعبور الغابات والجبال والثلوج، ومات منكم الكثير في رحلة الهروب من حرب الوطن لذا فالطريق إلى أبخازيا لا يبدأ من دمشق.

لقد أثبتم في دول اللجوء والشتات أنكم سفراء جيدون، وأنكم شعب يعمل وهذا الفضل لي طبعاً أنا النظام الذي اعتدتم في عهده العمل طوال العمر لكي تعيشوا، وكذلك اعتدتم الصبر والصمت، وهذا ما تريده الحكومات من شعوبها فلا أخاف عليكم من طاغية ولا ظالم، وحتى لصوصي الصغار رأيتم فيهم مناضلين وسادة، والفساد كان فضيلةَ وحكمةَ المسؤول.. فاذهبوا إلى أبخازيا التي تبحث عن شعب يريد بعض الهواء والضوء.

يدرك السوري أن الهروب نجاة، وأن الوطن بات مرتعاً لصراعات العالم والقتلة، وأن إرادة إقليمية ودولية تستثمر في بقاء النظام حتى آخر سوري حيّ..ولكنها خطبة النظام الحالم أيضاً بالنجاة ولو بصورة أمام سفارة سوخومي المسكينة.

الكاتب : عبد الرزاق دياب_ “زمان الوصل”

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

سوريّات في فخ “تطبيقات البث المباشر”..بين دعارة إلكترونية واتجار بالبشر

يستقصي هذا التحقيق تفشي “تطبيقات البث المباشر” داخل سوريا، ووقوع العديد من الفتيات في فخ تلك التطبيقات، ليجدن أنفسهن يمارسن شكلاً من أشكال “الدعارة...

ابتزاز واغتصابٌ وتعذيب.. سوريون محاصرون في مراكز الاحتجاز اللّيبية

يستقصي هذا التحقيق أحوال المحتجزين السوريين في ليبيا خلافاً للقانون الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وخاصة تلك التي تتبع “جهاز دعم...

كعكةُ “ماروتا سيتي” بمليارات الدولارات

آلاف الأسر تتسوّل حقّها بـ"السكن البديل" على أبواب "محافظة دمشق" يستقصي التحقيق أحوال سكان منطقة المزة – بساتين الرازي في دمشق، بعد تهجيرهم من بيوتهم...

معاناة اللاجئات السوريات المصابات بمرض السرطان في تركيا

تصطدم مريضات السرطان من اللاجئات السوريات في تركيا بحواجز تمنعهن من تلقي العلاج على الوجه الأمثل، بداية من أوضاعهن الاقتصادية الصعبة والاختلاف في أحقية...

خدمات المساعدة القانونية المجانية للاجئين السوريين في تركيا

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا الجهل بالحقوق القانونية للاجئين السوريين في تركيا يقف حجر عثرة أمام ممارسة حقهم بالوصول إلى العدالة، ويمنعهم...
Exit mobile version