الأمم المتحدة تدعو لوقف القتال في سوريا للقضاء على فيروس كورونا

أعلنت الحكومة السورية أول حالة إصابة بفيروس كورونا يوم الأحد بعد نفيها على مدى أسابيع مزاعم المعارضة بأن المرض وصل بالفعل إلى البلد الذي يعاني من انهيار المنظومة الصحية وينشط على أرضه آلاف المسلحين المدعومين من إيران , ويقول أطباء وعاملون في مجال الإغاثة إن وصول فيروس كورونا إلى سوريا يثير احتمال انتشار وباء قاتل وسط سكان عانوا أهوال الحرب على مدار تسع سنوات وإن خراب المستشفيات وتكدس المخيمات سيساعدان على الأرجح على سرعة انتشار العدوى , ونفى المسؤولون صحة هذه الاتهامات وفرضوا مجموعة من التدابير المشددة في ضوء انتشار المرض في دول مجاورة.

وقالت منظمة الصحة العالمية ومجموعة من المسعفين الطبيين إنه لم يتأكد وجود أي حالات في شمال غرب سوريا الذي يخضع لسيطرة المعارضة غير أن أعراضا محتملة للمرض تظهر على مرضى منذ أسابيع وإن 300 جهاز للكشف عن الفيروس ستصل خلال يومين , وقالت ريتشل سايدر مستشارة المجلس النرويجي للاجئين “البنية التحتية والخدمات الأساسية الصحية تعرضت كلها للدمار في جانب كبير من البلاد… ومن المرجح جدا أن يكون السوريون من الأشد عرضة للتأثر بانتشار الفيروس عالميا” , وأضافت “الواضح جدا أنهم ليسوا جاهزين بأي حال من الأحوال لأي انتشار” للمرض.

وفي دمشق يوم الاثنين ، كانت أعداد كبيرة من المارة لا تزال في الشوارع ، كثيرون منهم يضعون الأقنعة الواقية ، وذلك رغم القيود المفروضة مثل إغلاق المدارس والأعمال وحظر وسائل النقل العام وتعليق رحلات الطيران , ويوم السبت أعلنت قيادة الجيش أنها جهزت المستشفيات العسكرية وأصدرت الأوامر بتقليل التجمعات لأدنى حد ممكن , وقال سامر خضر مدير مستشفى دمشق إن كل المستشفيات الخاصة والعامة في مختلف أنحاء البلاد جاهزة بموجب خطة وطنية للتعامل مع الفيروس , ويقول سكان إن أسعار المطهرات والأقنعة ارتفعت بشدة في العاصمة التي شهدت إقبالا شديدا على شراء السلع في الأيام الأخيرة.

وقال رئيس منظمة أهلية محلية مقرها دمشق إن قدرات الكشف عن حالات الإصابة محدودة وإنه لا يوجد سوى معمل رئيسي واحد لإجراء اختبارات الفيروس حتى الآن. وأضاف طالبا إخفاء هويته أن بعض الحالات تعالج في مستشفيات عسكرية , ورغم الإعلان عن حالة واحدة , رجح دبلوماسي أن يكون الفيروس منتشرا على نطاق أوسع من المعلومات المتاحة بسبب ضعف قدرات الكشف وغياب الشفافية , وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الحكومة هددت الأطباء وطالبتهم بعدم الكشف عن الحالات. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد ”صدرت للأطباء تعليمات بالإشارة إلى الحالات التي يشتبه أنها عدوى بالكورونا على أنها التهاب رئوي حاد“.

وقال مصدر بالأمم المتحدة إن ثلاثة سوريين في بيروت أظهرت الاختبارات إصابتهم بالفيروس في مطلع الأسبوع وصلوا من سوريا في الآونة الأخيرة , ونفت الحكومة التستر على أي حالات رغم أن العلاقات الوثيقة التي تربطها بإيران ، حليفها الإقليمي وأكثر دول الشرق الأوسط تأثرا بأزمة الكورونا ، زادت من احتمالات انتشار الفيروس , وتحارب فصائل تدعمها إيران، التي تسير رحلات جوية عسكرية ومدنية إلى سوريا، جنبا إلى جنب مع جنود الجيش السوري. كما اعتاد آلاف الشيعة من إيران ودول أخرى زيارة دمشق.

وفي مناطق من سوريا لا تخضع لسيطرة الحكومة أغلقت قوات يقودها أكراد سوريون في الشمال الشرقي وجماعات معارضة تساندها تركيا في الشمال الغربي المعابر أيضا , ويعيش نازحون سوريون في مخيمات مؤقتة مزدحمة الأمر الذي يثير قلق العاملين في المجال الطبي من أن يفتك المرض بأعداد كبيرة , وقد أدى هجوم تشنه القوات الحكومية السورية بدعم روسي إلى نزوح ما يقرب من مليون شخص في الشهور الأخيرة مما أحدث حالة من الفوضى في البنية التحتية.

وقال أحمد الدبيس من جمعية أوسم الطبية الخيرية ، التي تعمل في مناطق المعارضة ومقرها في الولايات المتحدة، إن القتال في العام الأخير دمر جانبا كبيرا من المنشآت الطبية بالمنطقة ولم يبق فيها سوى 175 جهازا للتنفس الصناعي , وقال الدبيس ”لم تستطع دول مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها النجاة من أزمة فيروس كورونا ، فماذا سيكون الحال في شمال غرب سوريا؟“ , وسيسمح وصول أجهزة الاختبار هذا الأسبوع ، رغم محدوديتها ، للأطباء أن يبدأوا أخيرا الكشف عن الفيروس. وتم إرسال عدد قليل من الاختبارات إلى تركيا للفحص حتى الآن لكن لم تتأكد إيجابية أي منها.

وقال الطبيب بشير تاج الدين الذي يعمل مع الجمعية الطبية السورية الأمريكية في إدلب ”حالات كثيرة تأتي إلى المنشآت والمستشفيات وعليها الأعراض لكن ليست لدينا القدرة على التشخيص“ , وقال صحفي من رويترز إنه شاهد سفينة شحن تشغلها البحرية الروسية وهي تعبر مضيق البوسفور التركي في طريقها إلى سوريا يوم الثلاثاء محملة بسيارات إسعاف , وكانت السفينة العسكرية الروسية (دفينيتسا-50) تحمل على سطحها ثلاث سيارات إسعاف عسكرية على الأقل مع إحدى الحاويات.

وتدير روسيا ، التي تقدم الدعم العسكري للرئيس السوري بشار الأسد منذ عام 2015، منشأة بحرية في طرطوس بسوريا وقاعدة جوية في اللاذقية , وقال الجيش الروسي يوم الاثنين إن فيروس كورونا لم يصب أيا من جنوده , وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء يوم الثلاثاء أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خضع لاختبار الكشف عن الفيروس بعد عودته من سوريا هذا الأسبوع وأن النتيجة كانت سلبية.

من جانبه دعا غير بيدرسن , المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا يوم الثلاثاء إلى وقف فوري لإطلاق النار بجميع أنحاء البلاد ليتسنى بذل ”جهود شاملة“ للقضاء على فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) , وقال بيدرسن في بيان إلى ”الإفراج على نطاق واسع عن المحتجزين والأسرى“ لأسباب إنسانية في سوريا ووصول العاملين في المجال الطبي إلى مرافق الاحتجاز للمساعدة في ضمان توفير الرعاية الطبية المناسبة للنزلاء.

المصدر: الشبكة العربية في كندا

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

سوريّات في فخ “تطبيقات البث المباشر”..بين دعارة إلكترونية واتجار بالبشر

يستقصي هذا التحقيق تفشي “تطبيقات البث المباشر” داخل سوريا، ووقوع العديد من الفتيات في فخ تلك التطبيقات، ليجدن أنفسهن يمارسن شكلاً من أشكال “الدعارة...

ابتزاز واغتصابٌ وتعذيب.. سوريون محاصرون في مراكز الاحتجاز اللّيبية

يستقصي هذا التحقيق أحوال المحتجزين السوريين في ليبيا خلافاً للقانون الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وخاصة تلك التي تتبع “جهاز دعم...

كعكةُ “ماروتا سيتي” بمليارات الدولارات

آلاف الأسر تتسوّل حقّها بـ"السكن البديل" على أبواب "محافظة دمشق" يستقصي التحقيق أحوال سكان منطقة المزة – بساتين الرازي في دمشق، بعد تهجيرهم من بيوتهم...

معاناة اللاجئات السوريات المصابات بمرض السرطان في تركيا

تصطدم مريضات السرطان من اللاجئات السوريات في تركيا بحواجز تمنعهن من تلقي العلاج على الوجه الأمثل، بداية من أوضاعهن الاقتصادية الصعبة والاختلاف في أحقية...

خدمات المساعدة القانونية المجانية للاجئين السوريين في تركيا

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا الجهل بالحقوق القانونية للاجئين السوريين في تركيا يقف حجر عثرة أمام ممارسة حقهم بالوصول إلى العدالة، ويمنعهم...
Exit mobile version