syria press_ أنباء سوريا
علم “العربي الجديد“، من مصدر غربي، أن الولايات المتحدة ودولا أوروبية “مستاءة جدًا” من محاولات تأجيج الخلاف داخل هيئة التفاوض، في الوقت الذي تتحضّر الوفود السورية (معارضة، مجتمع مدني، ونظام) للبدء غدًا بالجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، وسط انزعاج من قبل أعضاء في الدستورية من “المعاملة الخاصة” التي تنتهجها الأمم المتحدة مع النظام في هذا المسار.
ثلاثة عوامل أدخلت الخلاف الحالي في هيئة التفاوض إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 2019، الأول هو تصعيد كل من هيئة التنسيق ومنصة موسكو، وأعضاء باتوا خارج منصة القاهرة، عندما أرسلوا رسالة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسون وروسيا والسعودية ومصر يطالبونهم بالتدخل لحل الخلاف. والثاني هو تجاوب الرياض مع الرسالة، وتدخّلها المباشر بإرسال رسالة إلى هيئة التفاوض تعلن إيقاف الدعم عن مكتب الهيئة في الرياض. والعامل الثالث هو اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع كل من منصة موسكو، وجمال سليمان وخالد المحاميد، واعتبار أن الأخيْرَين يمثلان منصة القاهرة وتطلعاتها.
وقال مصدر غربي لـ”العربي الجديد” إن “واشنطن ودولا أوروبية غير راضية عن هذه التدخلات في شؤون هيئة التفاوض الداخلية”، مضيفًا أن “الغرب لا يريد أن يتفاقم الخلاف في هيئة التفاوض إلى مرحلة قد تهدد وحدتها، لأن هذا سيؤثر على مسار العملية السياسية ككل، وعلى التقدم في تطبيق القرار (2254) خصوصًا”.
وتابع المصدر أنه “من المرجح جدًا أن تكون هناك اتصالات من قبل واشنطن ودول أوروبية مع دول وأطراف معنية بهذا الشأن”، موضحًا أن هذه الاتصالات “هدفها تخفيف حدّة الخلاف، والدعوة للدعم الإيجابي لهيئة التفاوض من أجل حلّ الإشكالية، دون أن يكون هناك أي أثر على مسار العملية السياسية، بما فيها اللجنة الدستورية أو تماسك الهيئة”.
في السياق، علم “العربي الجديد” من مصادر خاصة أن “محاولات بُذلت من أجل إقناع هيئة التنسيق بعدم الذهاب إلى اجتماعات اللجنة الدستورية، إلا أن هيئة التنسيق لم تتجاوب مع الفكرة التي كانت ستؤثر بشكل كبير على عمل اللجنة، إذ إن غياب هيئة التنسيق إلى جانب غياب ممثلي منصتي القاهرة وموسكو سيؤدي إلى تعطيل شبه رسمي للجولة”، وهو أمر سيجعل من التدخل الدولي لحل الخلاف الحاصل في الهيئة ضرورة مُلحة بغضّ النظر عن طبيعة الحلول.
حول ذلك، قال أحمد العسراوي، عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق، وعضو اللجنة الدستورية المصغرة، إنه “قد يكون هناك رغبات لدى الآخرين، لكن لم أسمع بها، ولو وصلت لن نتوافق معها”، مضيفا، خلال حديثه مع “العربي الجديد”: “كنّا سنقول إن أمامنا سورية، وليس صراعا مع الائتلاف أو توافقا مع منصة موسكو، والذي أمامه سورية عليه تحّمل غلاظات الآخرين جميعًا”.
وحول تدخّل الرياض واللقاء الذي جرى في موسكو قبل أيام، قال العسرواي إن “موقفنا في هيئة التنسيق واضح منذ التأسيس.. نحن ضدّ كل التدخلات الخارجية في المسألة السورية”، وتابع: “أعتقد أنه لهذا السبب موسكو لا تُحب هيئة التنسيق، لأننا واضحون وصريحون، لا يوجد حل في سورية قبل رحيل النظام بكافة رموزه ومرتكزاته”.
مصادر: محاولات بُذلت من أجل إقناع هيئة التنسيق بعدم الذهاب إلى اجتماعات اللجنة الدستورية، إلا أن هيئة التنسيق لم تتجاوب مع الفكرة التي كانت ستؤثر بشكل كبير على عمل اللجنة، إذ إن غياب هيئة التنسيق إلى جانب غياب ممثلي منصتي القاهرة وموسكو سيؤدي إلى تعطيل شبه رسمي للجولة
وفيما يخص الأثر المتوقع من الرسالة التي أُرسلت إلى بيدرسون وموسكو والرياض والقاهرة، قال العسراوي: “قد لا تصنع الرسالة التي أرسلناها شيئًا، لكن كانت ضرورية لتوضيح الموقف، لأنه للأسف أخوتنا في الهيئة يعتبرون أنهم أصحاب القرار في كل شيء”، وعقّب: “ليس بالضرورة أن يكون ما يناسب منصة موسكو أو القاهرة مناسبا لهيئة التنسيق”.
وأكد العسراوي قائلًا: “أنا ضد الكلام الذي قاله ممثل منصة موسكو مهند دليقان بدعوته اللجنة الدستورية للاجتماع في دمشق”، وهو الأمر الذي بناء عليه اتخذت هيئة التفاوض قرار فصل دليقان من هيئة التنسيق واللجنة الدستورية. لكن العسرواي عقّب أيضًا: “أنا ضد الطريقة التي حاول فيها أخوتنا في الائتلاف فصل مهند دليقان خارج اجتماعات هيئة التفاوض. لم يطرحوا القصة عندما كنا سويّة، وطرحوها عندما بدأ الأعضاء بالسفر”.
وكانت مصادر معارضة قالت لـ”العربي الجديد” إن هناك عدم انسجام داخل هيئة التنسيق حول ما يحصل في هيئة التفاوض، موضحة أن “بعض أعضاء هيئة التنسيق لم يكونوا يريدون وجود اسم هيئة التنسيق في الرسالة التي تدعو للتدخل الدولي في حل الخلاف، ولا ترى مشكلة في استبدال قاسم الخطيب، أو الموافقة على مقترح أنس العبدة الذي تقدّم به لحل الخلاف داخل الهيئة، فيما أن هناك أعضاء أصرّوا على الرسالة ويرفضون استبدال الخطيب، كما يدفعون نحو رفض مقترح العبدة”.
في غضون ذلك، تنطلق غدًا الإثنين الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، والتي يرى وفد المعارضة أنها “حساسة وجوهرية، لأنها ستكشف للعالم مدى جدية النظام في هذا المسار، كما يبدون انزعاجًا من المعاملة الخاصة التي يبديها فريق الأمم المتحدة خلال تعامله مع النظام”.
وحول أهمية الجولة، يقول العسراوي إنه ولأول مرّة ستبدأ الوفود “ببحث عمق المسألة التي نحن مُكلّفون بها، والتي ليس لدينا صلاحيات ببحث مواضيع غيرها، أنا أرى أنها نقطة متقدمة”، وأضاف: “قواعد إنشاء اللجنة الدستورية تعطيها فقط صلاحية العمل على الإصلاح الدستوري، وتقديم مشروع للإصلاح الدستوري”.
وعلى الرغم من تفاؤل العسراوي بالجولة، إلا أنه لم يستبعد أن يقوم النظام بتعطيلها، وقال: “عمق تفكيرنا هو الإصلاح الدستوري الذي يساعد العملية السياسية التفاوضية بكافة مراحلها وبنودها. الفريق الآخر قد يرى أن عدم الدخول إلى الدستور هو إفشال للعملية التفاوضية التي بالأصل هو لا يريد الدخول إليها”، وتوقع أن “الجلسة الأولى والثانية من اجتماعات يوم الإثنين ستكون كفيلة بأن تُوضّح أي من هاتين الرؤيتين ستكون أقرب للواقع والحقيقة”.
من جهة أخرى، يزداد قلق المعارضة من انحياز فريق بيدرسون للنظام، إذ قال أعضاء في اللجنة الدستورية لـ”العربي الجديد”، إنه “لا يخفى علينا وجود معاملة خاصة من قبل بيدرسون وفريقه لوفد النظام، وهذه المعاملة الخاصة ليست محصورة في انحياز الفريق الأممي لمطالب النظام فحسب، بل حتى في الأمور الإجرائية واللوجستية أيضًا”.
وأشاروا إلى أن بيدرسون “قام في نهاية الجولة الماضية بتغيير جدول الجلسة الأخيرة كي يُرضي النظام الذي قرر ترك الجلسة، واشترط النظام على بيدرسون أن يُلغي كلمات كانت مجدولة لأعضاء معارضين، وأن يختم الجولة بكلمة شكر، وهو ما حققّه بيدرسون له في النهاية”.
وأضافوا: “الأمم المتحدة تستأجر طائرة خاصة لفريق النظام، وتبقى هذه الطائرة في مطار جنيف حتى نهاية الجولة، كما أن أعضاء مكتب الأمم المتحدة يقومون بتحضير كل إجراءات الفيزا ويُسلمون الجوازات للأعضاء جاهزة، في حين أن وفد المعارضة لا يملك مثل هذه التسهيلات، وبعض الأعضاء يتأخرون في الوصول أو لا يستطيعون الذهاب نتيجة إشكاليات ورقية أو لوجستية”.
ووفق الأعضاء، فإنه في الوقت الذي يرفض فريق بيدرسون تسهيل سفر مستشاري وفد المعارضة إلى جنيف، يقوم أعضاء من وفد النظام بجلب أشخاص من عائلاتهم على متن الطائرة إلى جنيف، وهذا حصل أكثر من مرّة. ففي الجولة الماضية، قامت عضو من وفد النظام بجلب ابنها معها إلى جنيف على متن الطائرة التي استأجرتها الأمم المتحدة”.
صبحي فرنجية _ العربي الجديد