لا تزال الاجتماعات الدولية الدورية بشأن الملف السوري جارية دون أي نتائج وحلول جذرية ملموسة. هذه الاجتماعات التي يصادف بعضها حدوثه في شهر أيار/مايو من كل عام، وتهدف إلى إيجاد حل أو مخرج للسوريين، لكن حتى الآن لا يبدو أن هناك حلولا تلوح في الأفق، خاصة وأن الوضع في سوريا يتجه نحو الأسوأ على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى فشل هذه الدول في إيجاد أي إطار مناسب لأبرز الملفات الإنسانية في سوريا، وهو ملف المعتقلين والمختفين قسريا في سجون الحكومة السورية وغيرها من السلطات المحلية في سوريا، وملف النازحين داخليا واللاجئين في دول الجوار مثل لبنان وتركيا.
حالة “انسداد سياسي مزمن” في سوريا
عدة اجتماعات ستعقد خلال الشهر الجاري حول سوريا، منها جولات جديدة في أستانا واللجنة الدستورية، إضافة إلى اجتماعين في مجلس الأمن، واحد منهم حول الأسلحة الكيماوية والآخر يتعلق بالمساعدات عبر الحدود. وكذلك هناك نسخة جديدة من مؤتمر المانحين في بروكسل.
وحول ما إذا كان الملف السوري سيشهد أي تطورات لافتة جراء هذه الاجتماعات، سواء على الصعيد السياسي أو الإنساني، أم أن الاستعصاء سيبقى مستمرا، يرى الكاتب والمحلل السياسي، حسن النيفي، أنه “على الرغم من كثرة اللقاءات التي ستعقد في شهر أيار/مايو الجاري بخصوص سوريا، إلا أنه لا يمكن الاعتقاد بأن أيا منها سوف يؤدي الى اختراق حالة الانسداد المزمنة على المستوى السياسي”.
المحلل السياسي النيفي، وصف لموقع “الحل نت”، بأن مسار أستانا وكذلك اللجنة الدستورية “أصبحا مسارين وظيفيتين”، أي أنهما مستمران بحكم التفاهمات التركية الروسية، وليس بالضرورة أن يكون لهما نتائج مباشرة على القضية السورية في الوضع الراهن.
وأوضح في حديثه بأن: “مؤتمر بروكسل سيكون التركيز فيه على الجانب الإنساني، وعلى حجم احتياجات السوريين للمساعدات ولكن المؤسف أن نتائج أي مؤتمر سوف تصطدم بآليات التنفيذ المرهونة بيد الروس وحلفاء حكومة دمشق، ربما يتطلع السوريون جميعا إلى مؤتمر بروكسل مؤملين من المجتمع الدولي أن يجترح آليات جديدة تستطيع مساعدة السوريين في الداخل السوري مع تحاشي المعوقات الروسية وحكومة دمشق”.
اجتماعات عدة في شهر أيار
من المقرر أن يستضيف الاتحاد الأوروبي مؤتمرا في يومي 10-9 أيار/مايو المقبل بمدينة بروكسل، للتعهد بتمويل الاستجابة الإنسانية في سوريا، والضغط من أجل حل الصراع. كما سيعمل على حشد الدعم المالي الضروري لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المُضيفة لهم في البلدان المجاورة ومتابعة وتعميق الحوار مع المجتمع المدني.
وهذا العام هو العام الثاني عشر للأزمة السورية. إن الصراع طويل الأمد وعواقب جائحة كوفيد-19 وتأثير الغزو الروسي على أوكرانيا جميعها تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي والإنساني المتردي أساسا في سوريا والمنطقة.
يذكر أن هذا المؤتمر الدولي السنوي العاشر حول سوريا، بعد المؤتمرات الثلاثة الأولى التي استضافتها الكويت من عام 2013 إلى عام 2015، ومؤتمر لندن في عام 2016، ومؤتمرات بروكسل الخمسة الأخيرة من عام 2017 إلى عام 2021.
وعلى غرار السنوات السابقة، سيكون المشاركين من أعضاء من المجتمع الدولي، كالمنظمات الإقليمية، ومؤسسات الاتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء، وهيئات الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية، والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية وممثلي منظمات المجتمع المدني، وفقا لموقع الاتحاد الأوروبي الرسمي.
وقد قدمت عدة منظمات حقوقية وإنسانية معنية بالشأن السوري، قبل يومين، مجموعة توصيات للدول المانحة في مؤتمر بروكسل حول سوريا، بهدف إبعاد المساعدات المقدمة عن أي نوع من أنواع التسييس والاستغلال من قبل أي جهة.
كذلك، سيعقد اجتماع ثاني خلال الشهر الجاري في مجلس الأمن، حسب ما أعلنت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، ليندا توماس غرينفيلد، والتي ترأست الرئاسة الدورية لمجلس الأمن حتى الخامس من شهر حزيران/يونيو المقبل.
وقالت غرينفيلد إن مجلس الأمن سيعقد ثلاث جلسات حول سوريا، ستكون الأولى في 20 من الشهر الحالي لمناقشة الوضع الإنساني، وأعلنت السفيرة الأمريكية عن نيتها زيارة معبر “باب الهوى” على الحدود التركية- السورية، للاطلاع على مستجدات “المساعدات المنقذة للحياة”، مؤكدة على بذل كل ما أمكن لاستمرار تدفق المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا.
في سياق متصل، سيكون هناك اجتماع ثالث في مجلس الأمن أيضا ومن المقرر أن ينعقد في 23 من أيار/مايو الحالي، وسيناقش ملف الأسلحة الكيماوية، وتورط حكومة دمشق بهجمات عديدة بالأسلحة الكيميائية، في مناطق عدة بسوريا ومن أبرزها مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق يوم 21 آب/أغسطس 2013، وخان شيخون في نيسان/أبريل 2017، ومدينة دوما في نيسان/أبريل 2018 وغيرهم بعد.
وبالعودة إلى المحلل السياسي، حسن النيفي، حيث يرى ضمن هذا السياق أنه “من الممكن أن نتكهن نوعا من الإيجابية في جلسة مجلس الأمن المقبلة بشأن الأسلحة الكيماوية، لما لها من منحى إيجابي، حتى لو كان الجميع يعلم أن نتائج أي جلسة في مجلس الأمن هي مجردة المفعول بسبب الفيتو الروسي-الصيني، ولكن لمجرد أن تبقى قضية استخدام (نظام الأسد) للكيماوي مثارة فإنه أمر جيد”، على حد قوله لموقع “الحل نت”.
وشهدت سوريا 222 هجوما كيماويا على المدنيين، وفق توثيق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، منذ 23 من تشرين الأول/أكتوبر2012 وحتى آب/أغسطس 2021. وبحسب تقارير سابقة من قبل منظمة “الأسلحة الكيماوية” تؤكد استخدام دمشق للأسلحة الكيماوية خلال السنوات الماضية.
كذلك سيعقد اجتماع رابع سينعقد في مجلس الأمن في 31 أيار/مايو الحالي، وسيناقش الوضع السياسي في سوريا، حسب ما صرحت به المندوبة الأمريكية.كما سيعقد اجتماع خامس خلال الشهر الجاري في جنيف، وهو الجولة الثامنة من اجتماعات اللجنة الدستورية، حسب ما أعلن المبعوث الدولي إلى سورية، غير بيدرسن.
وحسب ما أعلن عنه بيدرسن، الأسبوع الفائت، إن نائبته خولة مطر وجهت دعوات لحضور الجولة الثامنة من اجتماعات “اللجنة الدستورية”، مبينا أنها ستكون في الفترة بين 28 أيار/مايو و3 حزيران/ يونيو المقبلين.أما الاجتماع السادس فسيكون ضمن محادثات “أستانا” الثامنة عشرة وسيبدأ في نهاية شهر أيار/مايو الجاري، والتي أعلنت عنها وزارة الخارجية الروسية.
وقد صرح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، لوكالة “تاس”، الخميس الفائت، إن الاجتماع الدولي المقبل حول سوريا بصيغة “أستانا” من المقرر عقده نهاية الشهر الحالي في العاصمة الكازاخية نور سلطان.
وأضاف بوغدانوف لوكالة “تاس”، مؤكدا على “مناقشة موسكو لكل من أنقرة وطهران، على اعتبارهما ضامنين لعملية “أستانا”، بالإضافة إلى الحكومة السورية ووفود المعارضة”.
شيلان شيخ موسى _ الحل نت