أجهضت شابة بعد عمل جراحي في عيادة أحد الأطباء، وسيدة أخرى في مشفى خاص بالعاصمة دمشق. أطباء ومشاف يجرون عمليات الإجهاض مقابل مبالغ كبيرة ولأسباب عديدة ومختلفة، حيث تزايدت عمليات الإجهاض في دمشق وريفها خلال سنوات الحرب.
تلجأ بعض النساء والشابات في دمشق إلى إجراء عمليات الإجهاض رغم تحريمها دينياً وقانونياً ورغم مخاطرها الصحية، تحت دوافع مختلفة منها غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف متابعة الحمل ومن ثم الولادة لدى الأطباء والمشافي.
ويجيز القانون السوري الإجهاض في حالة واحدة وهي إنقاذ حياة المرأة، ويعتبر في جميع الحالات الأخرى غير قانوني ويعاقب قانون العقوبات السوري في المادة (527) كل امرأة أجهضت نفسها بما استعملته من الوسائل أو استعمله غيرها برضاها بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.
واعتبر القانون السوري الإجهاض جريمة وشدد عقوبتها على القائم بها في حال أدت العملية للوفاة بالحبس من أربع إلى سبع سنوات. كما أقر القانون سحب الشهادة ومنع مزاولة المهنة من الطبيب/ة في حال مخالفة ما أجازه القانون حيال الإجهاض.
“إجهاض نظامي”
“خليني نزلوا بلا ما حطو بشي حاوية بس جيبو”، عبارة علَّقت بها سمية خالدي (38 عاماً) وهي أم لثلاثة أولاد وتعمل موظفة حكومية. تقول لموقع تلفزيون سوريا “أصبحت حاملا بالخطأ وصحتي لا تسمح لي بالحمل فقررت وزوجي إجراء عملية إجهاض باعتبار أن الحمل ما زال في شهره الأول”.
وتشرح الخالدي معاناتها لمدة أكثر من 10 أيام في البحث عن دكتور/ة لإجراء الإجهاض، إذ رفضت طبيبتها النسائية إجراء العملية لها، مشيرة إلى أنها ترفض عمليات الإجهاض إلا في حال كان الحمل يشكل خطورة على الحامل.
وبعد بحثها الطويل اهتدت إلى طبيب في جرمانا بريف دمشق، أجرى لها العملية في مشفى خاص بساحة السبع بحرات بدمشق مقابل 750 ألف ليرة سورية فقط، لأن حملها شرعي وزوجها موجود ووقع على ورقة تعهد بعدم المساءلة مستقبلاً.
وحيال تعهد عدم المساءلة، تروي لموقع تلفزيون سوريا الدكتورة (س.خ) أنه في إحدى السنوات أجرت عملية إجهاض لإحدى السيدات وبموافقة زوجها، ومن ثم بعد فترة وقع الطلاق بين الزوجين، وفي إحدى جلسات المحاكمة ادعى الزوج أن زوجته أجهضت دون عمله.
وتقول الطبيبة “إنَّ احتفاظي بتعهد الزوج الموقع قبل إجراء العملية وإجرائها في مشفى وبموافقته وحضوره جعل ادعاءه من دون أي قيمة قانونية”. وتنصح في سياق حديثها كل الأطباء بعدم إجراء عمليات الإجهاض إلا بحضور الزوج وموافقته وتعهده بعدم المساءلة القانونية”.
وتوضح في حديثها للموقع أنه لا توجد إحصاءات دقيقة لعمليات الإجهاض في سوريا لكون معظمها يحدث في عيادات خاصة ويكون حينذاك من جراء علاقات غير شرعية في معظم الأحيان، ونسبة الحالات التي تحدث في المشافي ضئيلة جداً لكونها تحمل مساءلة مستقبلاً”.
إجهاض قسري في دمشق
وبينما قررت الخالدي الإجهاض بإرادتها ولأسباب معيشية واقتصادية تعاني منها أسرتها. أُجبرت الشابة هنادي (27 عاماً) على الإجهاض من زوجها وهي في الشهر الثاني بحجة أنه لا يريد أولاداً في هذه المرحلة.
وتوضح في حديثها لموقع تلفزيون سوريا “أنَّ زوجها كان يجبرها دوماً على تناول حبوب منع الحمل تجنباً لأي خطأ قد يؤدي للحمل”، وتضيف، قررت عدم تناول حبوب منع الحمل لكوني أريد طفلاً ولم أخبره بداية بموضوع الحمل علَّه يوافق ويبقي الطفل بعد مضي شهرين.
لكن توقعات هنادي خانتها وأسقطت حملها في عيادة خاصة بمنطقة الدويلعة بدمشق بعد اتفاق زوجها مع دكتور نسائية على إجراء عملية الإجهاض. وتقول “أجرى الدكتور العملية بمساعدة ممرضة لديه في عيادته التي تفتقد لمعدات تعقيم ودون أن يسألني ولا سؤال لا عن موافقتي ولا عن صحتي وإن كنت أعاني من مرض ما”.
هكذا خسرت هنادي حلم أمومتها بحجة وضع زوجها المادي السيئ، وعدم رغبته بأن يكون لديه أطفال في بلاد تعاني الفقر والغلاء، تقول هنادي، وتضيف، رغم تذمر زوجي من الغلاء لكنه دفع مليون ونصف ليرة أجرة عملية الإجهاض”.
“اختصاصي إجهاض”
تروي ممرضة تعمل في عيادة دكتور نسائية بريف دمشق لموقع تلفزيون سوريا أنَّ “الطبيب يكمن عمله الأساسي في إجراء عمليات الإجهاض، وتقول بشرط عدم ذكر اسمها “إنه في أحد أشهر العام الفائت أجرى ثلاثين عملية وأنه لا يمر شهر حتى اليوم بدون إجراء عشر عمليات على الأقل”.
وتبرر الممرضة لجوء الفتيات والنساء إلى إجراء عمليات الإجهاض لارتفاع سعر حبوب الإجهاض ولعدم توفرها في الصيدليات ولكونها تحتاج إلى وصفة طبية كي تُصرف.
وتشرح بأنَّ عملها يقتصر على مساعدة الطبيب في العمليات لكونها قابلة قانونية، وبأنَّ هناك موظفة أخرى في العيادة تنظم أضابير بأسماء كل النساء والشابات التي يجري لهنَ إجهاض، ومعظمهنَ من علاقات غير شرعية.
وتبلغ أجرة العملية بين المليونين وأحياناً تتجاوزها في حال كان الحمل عن طريق علاقة غير شرعية للفتاة، بحسب إفادة الممرضة، وتضيف أنه في سنوات سابقة للحرب كان موضوع الإجهاض مخيفا وليس كما يجري اليوم، إذ يعتبر من أسهل الأمور، ولا يأخذ أكثر من ربع ساعة.
جوان القاضي _ تلفزيون سوريا