عزّزت عمليات الاعتقال والتعذيب الممنهج للمدنيين في الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري، من ضعف المرأة السورية واستغلالها جنسياً مقابل إطلاق سراح زوجها أو أحد أقاربها، بحسب تحقيق مجلة “New Lines” الأمريكية، الذي تحدّثت عن مجزرة التضامن بالعاصمة دمشق ومرتكبيها.
العنف الجنسي كان منتشراً على نطاق واسع في حي التضامن الدمشقي، بحيث لا يمكن أن يكون أي شيء آخر غير السياسة.
إحدى النساء التي أجرى صحفيو المجلة مقابلة معها، قالت إنها توجهت إلى مكتب الفرع “227” هو فرع تابع للأمن العسكري “شعبة المخابرات العسكرية” وسط دمشق، لتسأل عن مكان زوجها.
كان أمجد يوسف، أحد مرتكبي مجزرة التضامن، جالساً على كرسيه خلف المكتب يدخّن السجائر، بينما كانت أصوات التعذيب تصدح من الغرفة المجاورة.
استمع يوسف للمرأة باهتمام ووعدها بإطلاق سراح زوجها بشرط واحد، “أن تقيم معه علاقة جنسية وإلا عليها أن تنسى زوجها”.
لمدة عامين ابتداء من هذا اليوم اعتدى يوسف على تلك المرأة، تعرّضت شقيقاتها وجاراتها للاعتداء الجنسي من قبل عناصر المخابرات أيضاً.
فاوضت النساء على بقائهن من خلال الانخراط في علاقات جنسية قسرية مع الجناة “استعباد جنسي”، كما تعرّض الضحايا الذكور لعنف مماثل أثناء السجن والتعذيب.
الاستغلال الاقتصادي
استغلت قوات النظام المدنيين اقتصادياً كنوع من القمع الاقتصادي مقابل الحفاظ على أرواحهم.
وفق التحقيق، كان على المدنيين دفع ما يصل إلى مليوني ليرة سورية (ما يعادل 40 ألف دولار ، اعتمادًا على سعر الصرف) إلى نقاط التفتيش والحواجز.
ومن أنواع القمع الاقتصادي كانت المصادرة غير المشروعة للممتلكات الخاصة.
مع نزوح سكان مناطق المعارضة إلى حي التضامن، أصبح سوق العقارات عملاً مزدهراً، حيث وضع قادة المخابرات وعناصر النظام أيديهم على أملاك الضحايا الذين أجبروا على إخلاء منازلهم أو قتلهم، وأجّروا تلك الأملاك في سوق العقارات بحجة مساعدة عائلات الشهداء والنازحين أو لدواعي الضرورة العسكرية.
وصادر يوسف ورؤساؤه ما لا يقل عن 30 عقاراً في التضامن، ولا يزالون يؤجرونها حتى اليوم، على سبيل المثال.
أخذوا مني كل ما أملك
أبو محمد علي، 45 عاماً، من سكان منطقة يلدا بريف دمشق القريبة من التضامن، يروي لـ”روزنة” بعض ماعاناه من الاستغلال والعنف الاقتصادي الذي ارتكبته قوات النظام بحقه عام 2012.
“عندما بدأت قوات النظام باستهداف يلدا، داهمت عناصر النظام المنازل وبدأت بقتل المدنيين، قتلوا عائلة كاملة من جيراني بالرصاص بشكل جماعي ومعهم أطفال”، يقول أبو محمد.
كانت الدبابات والجنود يملؤون الحي، قتلوا أطفالاً أمام أعيننا وعلقوا جثثهم على الدبابة.
“جاء دور منزلي بالمداهمة، دخل عدد من العناصر، ولحسن الحظ كان معي مبلغ 30 ألف دولار كنت قد جهزتهم من أجل الخروج من البلد، وهبونا حياتنا مقابل ذلك المبلغ ومن ثم خرجنا من المنزل وجثث المدنيين تملأ الشوارع”.
نزحنا إلى منزل أخي في منطقة الزاهرة، لكن لم يهدأ الوضع، جاء عناصر من النظام واعتقلوني وأخي وعمي مع 17 آخرين في ذات البناء، اقتادونا إلى مكان مغلق في شارع نسرين بحي التضامن، تفوح منه رائحة الدم والموت.
ولإخافتنا جاؤوا بطفل عمره 15 عاماً، ووضعوا على رأسه “كلاشينكوف” وأطلقوا النار عليه بدم بارد قائلين: “هيك رح يصير فيكم”.
استطعنا النجاة من بين أيدهم بعدما دفع عمي مبلغاً بقيمة مليوني ليرة سورية، ليعتقلوني مرة أخرى، أحد الضباط أعطاني ورقة مكتوب عليها اسمي باللون الأحمر إلى جانبه كلمة “تصفية”، سألني ماذا أستطيع أن أدفع لهم مقابل الإفراج عني، وكانت سيارتي هذه المرة مقابل ثمن حياتي.
هددوني إن لم أترك البلد سوف يقتلوني أنا وعائلتي، فخرجت إلى لبنان ولم أعد.
وأحدث تحقيق نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية منذ يومين، ضجة كبيرة بين الأوساط السورية، بعدما كشفت خلاله عن فيديو يعرض جريمة حرب ارتكبت على يد عناصر من الفرع 227 التابع لجهاز المخابرات العسكرية السورية عام 2013.
يظهر فيه عناصر وهم يعتقلون مجموعات من المدنيين معصوبي الأعين وقد قيدت أيديهم، وتم اقتيادهم نحو حفرة لتنفيذ عمليات إعدام جماعي بحقهم، ليقضي ما لا يقل عن 41 رجلاً مصرعهم، وتم التنكيل بالجثث، عبر سكب الوقود على رفاتها وإشعالها وهم يضحكون قرب عدة كيلومترات من مقر الرئاسة بدمشق.
إيمان حمراوي_ روزنة