مقدمة:
يُعَدّ الأشخاص ذوو الإعاقة من أكثر الفئات البشرية هَشاشةً، من حيث تعرّضهم لأخطار شتى في أوقات الطوارئ؛ فكثيرًا ما يُستبعَدون، أو يُمثَّلون تمثيلًا ناقصًا في أنشطة تخصهم، مثل جمع البيانات وتصميم البرامج وتنفيذها، وبذلك تظلُّ احتياجاتهم في آليات الاستجابة الأساسية محدودةً. وتزيد نقاط ضعفهم نسبة تعرّض أسرهم لانخفاض مناعتها وضعفها، وسرعان ما تصبح استجابتها للصدمات والانكسار أكثر احتمالًا، فما بالك عندما يكون الشخصُ المعوّق طفلًا لأسرةٍ عانت ضغوطًا شديدة، كالنزوح أو اللجوء في أوقات الحرب، ويكون أحدُ الوالدين فيها معوّقًا أيضًا!
ولا نتحدث هنا عن حالات افتراضية أو نادرة الوجود في واقعنا المعيش، فقد أنتجت الحرب وما رافقها من عنف غير مسبوق في سورية حالات مأساوية ضربت بكل قوتها عائلات كثيرة جدًا.
وتُقدّم المسوح والتقارير -على قلّتها- بياناتٍ عن آثار العمليات الحربية وعن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها أطراف الصراع المختلفة، وفي مقدّمتهم النظام وحلفاؤه، بحقّ المدنيين، ومنهم الأطفال، فإضافة إلى تعرض أجسادهم للتشويه، تعرضت أرواحهم لجروح نفسية سوف تبقى آثارها فيهم على مدى حيواتهم.
وإلى جانب ما تُحدثه الحرب من قتل وتدمير مباشر، فإنها عادة ما تتسبب في خلق ظروف غير سويّة، تبدو فيها الحياة مليئة بالعثرات والأخطاء، مع اختلال النظام المجتمعي، ما يؤدي إلى وقوع مزيد من الحوادث التي تُفاقم آثار الحرب بذاتها. فحوادث انفجار الألغام وبقايا القذائف غير المتفجرة -على سبيل المثال- في التجمعات السكانية المكتظة، تؤدي إلى وقوع إصابات جسدية ينتج عنها إعاقات حسية وحركية. وكثيرًا ما يؤدي تخلّف منظومة الصحة، ومنها تأخّر عمليات الإسعاف ونقل الجرحى والمصابين بكسور أو جروح، إلى مضاعفات تُحوّلها إلى حالات بتر وإعاقات متنوعة.
يعرف السوريون حالات عديدة من الاعتقال والتعذيب، في سجون النظام وقوى الأمر الواقع، وحالات التأخر في إسعاف المصابين، أدت إلى شلل في أحد أعضاء السجين أو تعطّل حاسة من حواسه، وفي السياق عينه، نتذكُّر كثرة حالات القصف المتعمّد لأطقم سيارات الإسعاف والنقاط الطبية والمشافي، من جانب قوات النظام والطيران الروسي؛ وقد أدت إلى مضاعفة حالات الإعاقة، سواء كانت حسية أو حركية أو كلتيهما[1]، وغير ذلك من حوادث السير وتجاوزات قانون السير وركوب الأولاد الدراجات النارية من دون حماية. ولا شكّ في أن تخلّف منظومات الخدمات الطبية، في التأهيل البصري والسمعي والكشف المبكر وانعدام العمليات النوعية للعيون، يؤدي إلى مضاعفة حالات فقد البصر أو السمع[2].
حالة إعاقة سورية في طريق اللجوء
يواجه الباحثون في موضوع “ذوي الإعاقة” أو “ذوي الاحتياجات الخاصة”، في سورية وفي بلدان كثيرة تشبهها، تحديات كبيرة تتمثل بصورة أساسية في نقصٍ كبير في البيانات.
فكيف يمكن المضيّ قدمًا في البحث والتقصّي عن أوضاع المعوقين من دون بيانات؟ مثلًا: كم يبلغ عددهم الإجمالي؟ كيف ينتشرون جغرافيًا على رقعة الدولة، وما نسب توزعهم بين الريف والمدينة، وعلى الفئات الاجتماعية الاقتصادية المختلفة؟ وما تركيبهم الجنسي/ النوعي، وفئاتهم العمرية، وأوضاعهم الاجتماعية، ومستويات إعاقاتهم وأنواعها بحسب تصنيفاتها العالمية؟ وما هي أوضاعهم العملية وأوضاعهم التعليمية، وخصوصًا من هم في سنّ التعليم الأساسي؟ ما خصائص الأسر التي ينتمون إليها؟ ما حجمها وأوضاعها المعيشية؟ ثم ما هي أنواع الحماية المقدّمة إليهم؟ وما المؤسسات القائمة على رعايتهم وتنمية قدراتهم وتكيفهم؟ وما أشكال الدعم الاقتصادي والنفسي؟ وما مدى فاعليتها؟ إلى آخر ما هناك من أسئلة ضرورية لتقويم الموضوع.
بكل تأكيد، تتحمل المؤسسات الحكومية المعنيّة بشؤون المعوّقين المسؤوليةَ الأبرزَ نحوهم، تشاركها مؤسسات المجتمع المدني، وذوو المعوقين، ففي أحيان ليست نادرة، تتكتّم الأُسر على المعلومات عنهم، ولا تُصرّح بها أمام سكان المجتمع المحلي أو أمام مؤسسات ومنظمات معنية بهم، سواء كانت رسمية أو غير رسمية.
ومن هنا، بات تأسيس قاعدة بيانات خاصة بالمعوقين عمومًا، والأطفال منهم بصورة خاصة، مطلبًا حيويًا في زمن الحرب؛ حيث يتحمّل “الأطفال ذوو الإعاقة” عبئًا مزدوجًا، عندما يتعلق الأمر بالعنف والتهديدات لصحتهم وسلامتهم والجوع وخطر الإساءة وفقدان التعليم. ويؤدي الافتقار إلى القدرة على الحركة وصعوبة الهروب من الأذى، إلى تفاقم العقبات أمامهم. وبالنسبة إلى عائلاتهم، كما الحال عند معظم العائلات، فإن فرص العمل المحدودة، والأسعار المرتفعة والمستويات غير المسبوقة من الفقر والنقص الحاد في السلع والخدمات الأساسية، تجعل الحصول على رعاية الأطفال ذوي الإعاقة أمرًا صعبًا[3].
أكّدت اتفاقية “حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، تموز/ يوليو 2021، في مادتها الحادية والثلاثين، أهمية جمع البيانات عن المعوّقين، مع كفالة السريّة واحترام خصوصية الأشخاص ذوي الإعاقة [4]. والغرض من الاتفاقية، كما ورد في ديباجتها، هو “تعزيز وحماية وكفالة تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعًا كاملًا، على قدم المساواة مع الآخرين، بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة”. وقد خصّت المادة السابعة منها حقوق الأطفال ذوي الإعاقة.
من هم المعوّقون؟
“كلّ من يعانون عاهات طويلة الأجل، بدنيّة أو عقلية أو ذهنية أو حسّيَة، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين”[5].
ومن أكثر الإعاقات الناتجة عن الحروب والحوادث المرورية وإصابات العمل في المهن الخطرة انتشارًا، نذكر:
– الإعاقة الحركية: وهي الإعاقة الناتجة عن خلل وظيفي في الأعصـاب أو العضـلات أو العظام والمفاصل، وهي إعاقة تؤدي إلى فقدان القدرة الحركية للجسم نتيجة البتر، وإصـابات العمود الفقري، وضمور العضلات، وارتخائها وموتها والروماتيزم.
– الإعاقة الحسية: وهي الإعاقة الناتجة عن إصابة الأعصاب الرأسية للأعضـاء الحسـية، كالعين أو الأذن أو اللسان، وينتج عنها إعاقة حسية بصرية أو سمعية أو نطقيـة.
المعلومات المتوفرة عن الأطفال ذوي الإعاقة في سورية:
أفاد تقرير صدر حديثًا، يرصد أحوال المعوّقين السوريين من عمر (2 سنة وما فوق) [6]، بأن أكثر من واحد من كل أربعة أفراد سوريين (28%) لديهم عجز، بالمعنى الموسّع للإعاقة، وهي نسبة أعلى بـ 10 نقاط مئوية، من متوسط الإعاقات في البلدان ذات الدخل المنخفض، والبالغ 18%، وأعلى بشكل ملحوظ من المتوسط العالمي البالغ (15 %). وبالأرقام المطلقة، تعني النسبة المذكورة أنّ (5.446) مليون شخص معوَّق، يتوزعون حسب نوع السكان إلى (1.8) مليون معوَّق بين النازحين، ويمثلون (33%) من إجمالي المعوَّقين، وبين العائدين (0.146 ألف) يمثلون (2.7%)، و (3.5) مليون بين السكّان المقيمين، ويمثلون النسبة الأكبر (64.3 %) من جملة المعوّقين السوريين (انظر الرسم البياني 1)
توزع مناطق الصراع/ النفوذ في سورية
(شكل 1) توزع المعوَّقين حسب حالة السكان
وجاء انتشار المعوقين بحسب مناطق النفوذ متباينًا، وكانت أعلى حالات انتشار الإعاقة في منطقة شمال شرق سورية، وتضم ثلث عدد سكانها من عمر سنتين وفوق (37 %)، بينما سجّلت منطقة الشمال السوري أدنى معدّل لانتشار هذه الفئة، بنسبة (19 %)، وتقترب نسبتهم من المعدّل العام في كل من منطقة الداخل أي مناطق النظام بنسبة (27 %)، وفي شمال غرب البلاد (28 %).[7]
(شكل 2) توزع المعوَّقين حسب مناطق النفوذ
التوزع حسب الجنس والمنطقة:
أفادت البيانات المتاحة[8]، بالرغم من كون الفروق بين الجنسين غير جوهرية، بأن النسبة هي (28% للذكور مقابل 27 % من الإناث)، وتختلف النسبة تبعًا للمنطقة. وتعدّ منطقة شمال سورية المنطقة الوحيدة التي تزداد فيها نسبة النساء المعوقات (22%)، وهي لدى الذكور (17%)، فيما تبلغ النسب في منطقة الشمال الشرقي 2 من كل 5 رجال، تقريبًا، مقارنة بأكثر من ثلث النساء (34 %).
ويعدّ التباين في نسب انتشار الإعاقة، حسب الجنس والمنطقة، أمرًا مهمًّا يشير إلى تفاعل الشروط الاجتماعية والاقتصادية مع الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي شروط مركبة تعزز الآثار السلبية للإعاقة، وإضافة إلى ذلك، فإن وجود فرد أو أفراد يعانون إعاقات داخل الأسرة سوف يؤثر في قدرة جميع الأفراد على التكيف مع الظروف البيئية.
(شكل 3) توزع الإعاقات حسب الجنس والمنطقة
التوزع حسب الفئة العمرية:
(22 %) من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين (10 و 17 سنة)؛ و (19 %) ممن تراوح أعمارهم بين (5-9 سنوات)؛ و (12 %) من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين (2 و 4 سنوات)، يعانون الإعاقة (انظر الشكل 4).
(شكل 4) معدلات الإعاقة حسب الفئات العمرية 6-17 سنة
الأوضاع التعليمية للمعوَّقين من عمر (6-17سنة):
تعاني أنظمة التعليم الحالية في جميع أنحاء سورية ثقل الأعباء الملقاة على كاهلها، وتعاني حالة نقص حاد في مواردها البشرية والمالية، وخصوصًا ما يتعلق بقدرة خدمات التعليم على استيعاب الأطفال ذوي الإعاقة.
الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين (6 و 17) عامًا من ذوي الإعاقة هم أقلّ حظًا، في نيل فرصة التسجيل والانتظام في المدرسة، من الأطفال الذين لا يعانون إعاقات، سواء على مستوى الحضور الشخصي (الفيزيائي) أو مستوى التعليم عن بعد. وتختلف نسب الحضور للمدرسة على مستوى المناطق، ففي شمال غرب سورية، تكون النسب (52%) لذوي الإعاقة، مقابل (74 %) للذين ليس لديهم إعاقة (انظر الشكل 5).
(شكل 5) توزع الإعاقات حسب الانتظام بالمدرسة والمنطقة
وفي مناطق النظام، هناك تفاوت بين نسب الالتحاق بالمدرسة لغير المعوّقين (83%) مقابل (69%) للمعوّقين، بفارق 14 نقطة مئوية. وتتقلص الفروق في الحضور (فارق نقطتين مئويتين) بين المعوقين وغير المعوقين في شمال شرق سورية، وبفارق نقطة مئوية واحدة في منطقة الشمال.
ففي شمال سورية، (59%) من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين (6 و 17) عامًا من غير ذوي الإعاقة يذهبون إلى المدرسة، مقابل (59%) من الأطفال ذوي الإعاقة. وفي الشمال الشرقي (63%) من الأطفال من نفس الفئة العمرية (6 و 17) عامًا من غير المعوّقين يحضرون إلى المدرسة، مقابل (61%) من ذوي الإعاقة.
التوزع بحسب الفئات العمرية:
سجّل أطفال الفئة العمرية (10-17) سنة أعلى معدلات الالتحاق بالمدرسة، بواقع (71%) من إجمالي عدد أفراد هذه الفئة، وقد هبطت النسبة إلى (61%) لدى أطفال الفئة (5-9) سنة، ولا يلتحق بالمؤسسة التربوية أو أي دار للرعاية سوى (5%) من الأطفال الصغار (2-4) سنة (انظر الشكل 6).
(شكل 6) نسب التحاق المعوّقين بالمدارس حسب الفئات العمرية
تثير الفجوات في التعليم قلقًا جزئيًا، بالنسبة إلى (39 %) من الأطفال في سنّ المرحلة الابتدائية وما دون من ذوي الإعاقة، فمن المحتمل أن يواجهوا حواجز تحول دون بلوغهم التعليم الثانوي، الأمر الذي يؤثر سلبًا في الأمن الاقتصادي لأسرهم وفي قدرتها على الصمود في المستقبل.
وعلى الرغم من أن منطقة شمال شرق سورية سجّلت أعلى فرق بين الأطفال المعوقين وغير المعوقين في التسجيل، فالمثير للاهتمام هنا أن (16%) من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين (2-4) سنوات من ذوي الإعاقة هم حاليًا مسجلون في مؤسسات رعاية الأطفال أو التعليم، مقارنة بـ (6 %) فقط من الأطفال غير المعوقين!
وقد تم اكتشاف اتجاه مماثل أيضًا في الجزء الشمالي من سورية، حيث تم تسجيل (9%) من الأطفال ذوي الإعاقة في مؤسسات الرعاية والتربية، مقارنة بـ (3%) فقط من أقرانهم الذين ليس لديهم إعاقة. ولذلك يمكن أن تشير النتائج إلى أن شكلًا من أشكال برامج التعلم الموسعة يُوفّر للأطفال الصغار ذوي الاحتياجات الأعلى، وربما تحافظ أسرهم على مستوًى من الضعف يجعلهم مؤهلين للحصول على رعاية إضافية[9].
وعلى صعيد الجنس، لا يبدو أن هناك فرقًا كبيرًا بين المعدّل الإجمالي لانتظام كلّ من الذكور والإناث الذين تراوح أعمارهم بين (6-17) سنة من ذوي الإعاقة؛ حيث يتلقى (64 %) من الإناث والذكور المعوَّقين شكلًا من أشكال التعليم. أما على الصعيد الإقليمي/ مناطق النفوذ، فإن الذكور ذوي الإعاقة همّ أقل حضورًا في منطقة الشمال الغربي، وتتراجع نسبتهم إلى (48%)، تليها (59%) في منطقة الشمال الشرق، و (60%) في منطقة الشمال السوري، وأعلى معدّل حضور في أي نوع من التعليم في مناطق الوسط السوري (مناطق سيطرة النظام) بمعدّل (71%).
وأفادت البيانات بأنّ الإناث ذوات الإعاقة سجَّلن أدنى معدلات في حضورهن بإحدى مؤسسات التعليم. ففي منطقتي الشمال والشمال الغربي، بلغت نسبة الحضور (56%)، تليها منطقة الشمال الشرقي بواقع (64%) وفي مناطق النظام/ الوسط، بلغت أعلى نسب الحضور (67%). وللمقارنة مع غير المعوّقات-المعوّقين، فقد بلغت نسبة الإناث الملتحقات بالتعليم (64 %)، مقابل (79%) لغير المعوقات من إجمالي الفئة (6-17سنة). وبلغت النسب المقابلة لدى الذكور (64%) مقارنة بـ (75%) من غير المعوقين.
(شكل 7) الملتحقون في التعليم معوّق-غير معوّق (6-17 سنة)
رسائل ذات محتوى نفسي للمتعاملين مع الأطفال ذوي الإعاقة:
* إن تشجيع الشخص الذي تعرّض لفقد أحد أعضائه على مناقشة مشاعره علنًا يساعده في التخفيف من القلق، ويسمح له بتحديد طرق التعامل مع حالته، ويمكن للعاملين الصحيين الاستفادة من هذه المعلومات، لمساعدة الشخص في تحديد نوع الدعم الذي سيحتاج إليه، كيف يرى الشخص المصاب نفسه؟ وكيف ينظر إليه الآخرون، ولا سيما صورة جسده المعدلة؟ مسألة مهمّة يجب استكشافها.
* الأشخاص الذين يفقدون أحد أعضائهم نتيجة المرض كثيرًا ما يتمكنون من تعديل صورتهم عن جسدهم مبكرًا، وقد يجلب بتر أحد الأعضاء مثلًا الشعور بالإحساس بالراحة من المعاناة التي يعيشها والعودة إلى المستوى “الطبيعي”، أو أن البتر يمكن أن يكون الحل للتخلص من موت وشيك، عندما توشك الإجراءات الطبية على نفاد إمكاناتها. أما الشخص الذي يفقد أحد أطرافه أو حاسة من حواسه، بسبب الصدمة، فيتعرض لتغيّر أكثر حدة في صورته لجسمه، وسيواجه صعوبة أكبر في الانتقال من جسم سليم إلى جسم يُنظر إليه على أنه ناقص (ليس كاملًا)، وقد يكون لديه خوف من الظهور أمام الجمهور بسبب ظهور النقص في جسده. وينبغي بذل جهد متواصل لتشجيع الشخص على التكيف مع رؤيته من قبل الآخرين، ويمكن أن تكون العودة للمجتمع بصحبة شخص داعم مفيدةً.
* من المهم توفير بيئة داعمة،حيث يمكن للشخص المصاب بإعاقة مناقشة مشاعره تجاه خسارته ومخاوفه. وينبغي بذل الجهد لدعم الطفل المعوّق في أثناء محاولات عودته إلى المجتمع، والاستمرار في مناقشته بشأن صورة جسده التي تغيّرت، وكيف يمكن أن يتفاعل الناس معه بشكل سيئ في الأماكن العامة. هناك طريقة ممتازة لمنح الدعم النفسي للأشخاص المصابين، من خلال اللقاءات مع الأقران أو مجموعات الدعم، ويفضّل اللقاء مع شخص من ذلك السنّ والنوع أو مستوى الإعاقة ونوعها، من أجل المحادثة والتواصل بينهما.
* إن التدخلات النفسية لذوي الإعاقة تشمل عادة كلًّا من الطفل المصاب بالإعاقة وعائلته؛ فللأسرة دور مهم جدًا في تعديل صورة الطفل عن جسده الجديد. قد تكون الألعاب/ الدمى مفيدة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سبع سنوات، وكذلك المناقشة الهادئة مع الأطفال الأكبر سنًا.
* من أمثلة الموضوعات التي يمكن مناقشتها مع الأطفال ذوي الإعاقة: كيف ينظر الطفل إلى ذاته؟ وكيف يتفاعل الآخرون مع مظهره وقدرته على اللعب والانسجام مع الأطفال الآخرين؟ ومع اقتراب الطفل من سن المراهقة، قد تعود القضايا الجنسية والمظهر للظهور مرة أخرى، وينبغي بذل جهود متكررة لمعالجة هذه الموضوعات.
* غالبًا ما يتفاعل الطفل مع الإعاقة بالطريقة التي يتفاعل بها الشخص البالغ في حياته. إذا شعرت عائلة الطفل بأن قدراته محدودة ولا يمكنه المشاركة الكاملة في الحياة، فينبغي تشجيعه على المشاركة في الأنشطة والرياضة المناسبة عمريًا وفي حدود قدرته. وتساعد المشاركة في الأنشطة الرياضية والمدرسية أيضًا في تحسين احترام الذات والحفاظ عليها.
* في كثير من الأحيان، من المفيد تعليم زملاء الطفل كيفية التعامل معه ومساعدته، مع توضيح أسباب الإعاقة والعلاجات، حتى لا يكونوا خائفين أو مُخيفين من طرف التعويضات التي قد يُستعان بها، وغالبًا ما يكون للمعلمين دور مهم، وذلك من خلال إثارة النقاش داخل الصف، حول الأسباب المؤدية إلى الإعاقات، كالحرب مثلًا، مع مشاركة الطفل في هذه المناقشات والإجابة عن أسئلة الأقران.
* يجب تشجيع الطفل دائمًا على المشاركة مع أقرانه القادرين على العمل، حيث إن العديد من الأطفال يستفيدون من مقابلة الأطفال الآخرين المصابين بإعاقة مشابهة، ومن الضروري تشجيع العاملين في مجال الرعاية الصحية أو مجموعات الدعم، ما أمكن ذلك، على استضافة المعوقين في أنشطة عامة، مثل أيام الرياضة والنزهات أو المخيمات، بحيث يمكنهم الالتقاء والاختلاط مع الأطفال والبالغين الذين يعانون مشكلات مماثلة.
ريمون المعلولي _ مركز حرمون للدراسات
[1]Richard Hall Beirut. Syrian and Russian forces ‘weaponized healthcare’ by deliberately targeting ambulances in civil war, researchers say. Wednesday 28 November 2018 .
https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/syria-war-russia-healthcare-ambulances-civil-weapons-army-government-a8654841.html 2 المشاهدة 0/472022
[2] مأمون شيخ عيسى، أوضاع الإعاقة في شمال وشمال غرب سوريا، جمعية عطا. 2021 ص 10
[3] يونيسيف. سوريا، يعاني الأطفال من جراح جسدية ونفسية بعد 11 عامًا من الحرب. 2022.
[4] الأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان، اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، 2021.
[5] الأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان، المرجع السابق.
[6] Humanitarian Needs Assessment Programme (HNAP) I Syria
DISABILITY IN SYRIA INVESTIGATION ON THE INTERSECTIONAL IMPACTS OF GENDER, AGE AND A DECADE OF CONFLICT ON PERSONS WITH DISABILITIES, SYRIAN ARAB REPUBLIC. 2021. P 6
[7] المرجع السابق
[8] المرجع السابق
[9] Humanitarian Needs Assessment Programme (HNAP) I Syria المرجع السابق