نشأ جيل كامل من أطفال مخيم “الزعتري” للاجئين السوريين في الأردن، وأصبح هذا المخيم وطنهم، ولا يعرف هؤلاء عن وطنهم اليوم سوى ما يحكيه لهم أهاليهم من ذكريات، حكايات عن زمن كانت فيه البلاد آمنة مستقرة.
وسجلت السلطات الأردنية، أكثر من 20 ألف ولادة جديدة في مخيم الزعتري منذ افتتاحه قبل عقد من الزمن، إضافة إلى أن المخيم يعيش فيه 80 ألف سوري أكثر من نصفهم أطفال، وفق تقرير لموقع “دويتشه فيله”.
اللاجئ قاسم لبد، المنحدر من محافظة درعا، الذي وصل إلى المخيم في أيار 2013. يحكي قاسم أنه حين وصوله إلى المخيم، كانت أسرته تتكون من أب وأم وخمسة أطفال صغار، ثم رزقت الأسرة بثلاثة أطفال آخرين خلال تواجدها بالمخيم خلال السنوات العشر الأخيرة. يقول “لم أختر اللجوء بهم هنا، بل كنت مجبراً على ذلك”.
الأطفال يسألون عن مستقبلهم
وأضاف قاسم، للمصدر، أنه يحز في نفسه أن أطفاله لم يترعرعوا في الوطن. يقول “عندما أتحدث مع أطفالي عن سوريا، وأخبرهم أن لدينا عائلة هناك، يسألونني: ما هي سوريا؟”.
يختار الأب أن يعرفها عبر سرد قصة اندلاع الحرب، ورحلة اللجوء إلى المخيم. “أقول لهم إن البقاء هنا في المخيم ليس خيارنا: عندما تهدأ الأمور ويتحسن الوضع الأمني، سنعود إلى سوريا”. يكون رد الأطفال دائما حسب ما يحكيه الأب عبارة عن تساؤلات حول مستقبلهم.
يقول قاسم “يسألونني عن مستقبلهم هنا، وما إذا كانوا سيكملون دراستهم ثم يتزوجون ويملكون منازل. أجيبهم أن هذا الأمر ليس بأيدينا، بل بيد الله، وأنه كما أتينا إلى المخيم دون تخطيط مسبق، يمكننا أيضًا العودة إلى سوريا دون تخطيط مسبق”، مشددا أنه يشتاق لبلده كثيراً خاصة لأقاربه وأهله.
من جانبه، تحدث عادل طوقان، وهو لاجئ سوري وصل إلى الأردن في نيسان 2013، واستقر في مخيم الزعتري، عن أنه رُزق بثلاثة أطفال داخل المخيم خلال السنوات العشر الأخيرة، ليضافوا لطفلين آخرين.
أشار طوقان، إلى أن “الحياة في الزعتري مستقرة، من حيث الظروف المعيشية والأمن والبنية التحتية والتعليم. لكن المشكلة بأن أطفالي لا يعرفون شيئا عن بلدهم سوريا”.
تظهر استطلاعات رأي ودراسات، حسب موقع الأمم المتحدة، أن غالبية سكان المخيم ما زالوا يرغبون في العودة إلى سوريا في المستقبل، في حين يعتقد معظمهم أنه لا يزال غير آمن في الوقت الحالي.
مخيم الزعتري
أُقيم مخيم الزعتري للاجئين في 29 من تموز 2012، بمحافظة المفرق شمال شرق العاصمة عمان، وعلى منطقة تبعد حوالي عشرة كيلومترات عن نقطة التقاء الحدود السورية- الأردنية، وينقسم إلى 12 منطقة، تحتوي على 32 مدرسة، وثمانية مرافق صحية، و58 مركزًا مجتمعيًا.
وبعد عام على افتتاحه، ارتفع عدد سكان المخيم ليبلغ 120 ألف شخص، أما حاليًا فاستقر عدد سكانه عند حوالي 80 ألف شخص، أكثر من نصف العائلات في المخيم لديها فرد من ذوي الإعاقة، في حين أن 42% من العائلات لديها فرد واحد على الأقل مصاب بمرض مزمن.