عرض مركز “حرمون” للدراسات المعاصرة دراسة رصد فيها تداعيات التحوّل السريع لاقتصاد الحرب في سوريا، بعد عام 2011، وما صاحبه من فقدان التحكم المركزي في الاقتصاد السوري، وصولًا إلى تحول التربح المالي من خلال أثرياء الحرب الجدد إلى هدف أساسي من أهدافها، وعامل من عوامل استمرارها.
وتحدثت الدراسة والتي حملت عنوان “أثرياء الحرب الجدد محل قدامى رجال الأعمال في سورية”، عن أن الحرب في سوريا، سمحت لفئةٍ من أشخاص هامشيين، من القاعَين الاقتصادي والاجتماعي، بمراكمة ثروات هائلة، عبر استغلال ظروف الحرب وتداعياتها، لتحل مكان رجال الأعمال التقليديين.
وأشارت الدراسة إلى أن تلك الشخصيات، باتت واجهة القيادة المالية، على حساب النخب القديمة (بشقيها التقليدي تاريخيًا، والشق المتكون بعد عام 2000)، التي شكّلت لزمن طويل الوجه الاقتصادي للنظام، وبدا أنها غير قابلة للاستبدال أو الإزاحة، بوصفها الامتداد العضوي والذراع المالي الأوحد للنظام، أمثال رامي مخلوف وعماد غريواتي ومحمد حمشو، وآخرين من آل الشلاح والعطار والعائدي وطلاس وخدام وغريواتي وغراوي وعقاد.
لماذا تخلى النظام عن رجال الأعمال التقليديين؟
ولفتت الدراسة إلى أن النظام لجأ للتخلي عن رجال الأعمال هؤلاء، برجال أقرب إليه ويضمن ولاءهم، لعدة عوامل منها خروج نسبة كبيرة من النخبة القديمة إلى الخارج منهم لمواقف سياسية جريئة.
كما أن بعضهم غادر سوريا خوفا من وضع البلاد الجديد الذي لا يسمح ببيئة عمل طبيعية أمنيا واقتصاديا، ناهيك عن حاجة النظام لاستبدال الرجال القدامى الذين وقفوا إلى صفه بعد الثورة هو وصول العقوبات إليهم، فهو يحتاج إلى أسماء جديدة وغير معروفة.
مدير مركز حرمون للدراسات المعاصرة، سمير سعيفان أشار إلى أن رجال الأعمال الجدد، ليس لديهم رصيد اجتماعي داخلي فهم مدعومون أمنيا ومن قبل الميليشيات وليس لديهم أي جذور اجتماعية وخلقت ثروتهم بوقت قياسي.
وأضاف سعيفان في حديث لتلفزيون سوريا، أن رجال الأعمال القدامى لهم جذور وأصل وتدرجوا بالصعود ولذا يمكن تشكيل الأثرياء الجدد بسهولة من خلال الولاء، أما عن الطموحات السياسية لهم فهو ليس بالحسبان لكون الموضوع خطا أحمر بالنسبة للدولة وكانت تهديهم مقاعد في مجلس الشعب شكليا ليس أكثر.
وضرب مثلا بقصة رامي مخلوف، والذي يعد أحد الأمثلة التي حاولت التفرد بالقطاع الاقتصادي من خلال مجالات كثيرة مما خلق إشكالية كبيرة بين الطرفين وأطاحت بمخلوف من المشهد الاقتصادي.
النظام لايخشى أثرياء الحرب
واعتبر سعيفان أن النظام لا يخشى من رجال الأعمال الجدد كما القدامى الذي لهم كلمتهم ولا يخشونه، أما الجدد فهم بالمطلق يعملون تحت كنفه وعندما يشعر بالخطورة يستطيع إخفاءهم من المشهد لكونه هو من خلقهم وأعطاهم هذا الفرصة.
وتعد الأتاوات مصدر ثروات رجال الأعمال الجدد، والتي تأخذها الميليشيات المحسوبة عليهم من خلال الحواجز بين القرى والبلدات واحتكار التجارة الخارجية والداخلية، أو من خلال الأنفاق أو نقل ملكيات من يد إلى يد كما حصل لشركتي “سيرياتيل” و”إم تي إن” على سبيل المثال.
وختم بالقول، إن “أثرياء الحرب في مناطق شمال سوريا هم نقطة الوصل بين المعارضة والنظام من خلال أثرياء الحرب الذين خلقوا كذلك في مناطق المعارضة ويقومون بما يقوم به أثرياء مناطق النظام واستخدموا الأساليب ذاتها وتحكموا بالمنطقة على صغرها مقارنة بمناطق النظام، إلا أنهم يديرونها بحكم الأمر الواقع ويتبادلون المنافع مع شركائهم في المناطق المختلفة من البلد”.