مسّت مرحلة اللجوء السورية ومفاهيمُها بعد ثورة عام 2011 معظمَ ثوابت الشخصية السورية وبُناها الاجتماعية ومكوناتها. وبعيداً عن التأويلات، قد تكون إحدى المهام الرئيسية، للمهتمين بالشأن العام، رصدَ الظواهر الجديدة، وتحليل أسبابها، ربّما في سياقات أخرى: الدعوة إلى التخلص من البالي والمُعَرْقِل كذلك.
من المفاهيم التي أصابها تغيّرٌ كبير وبرزت ضرورةُ إعادة مفْهَمَتها، الطلاق أو الانفصال، الذي قد تمر به أيّ علاقة زواج، كونه أحد حالات العودة إلى خيار العيش منفرداً، “ما قبل الزواج”، حيث يلجأ إليه أحد طرفي العلاقة بهدف إنهاء علاقة الزواج، اتفاقاً وتراضياً، أو غضباً واحتجاجاً، أو عدم رضا، أو انتقاماً، نتيجة عدم التوافق أو القدرة على الانسجام معاً، أو عدم نجاح الطرفين في بناء عائلة، وهو أمرٌ لا غضاضة فيه، لولا أنه يرتبط بأسئلة كبرى أخرى: مصير الأطفال في حال وجودهم، الخروج عن سلطة القوى المؤثرة في المجتمع، مناكفة ثوابت عديدة.
ولعلّ حالة التوافق بين شخصيتين، تجهلان عن بعضهما كثيرا قبل الزواج، ليس أمراً سهلاً، بمعنى من المعاني: هو حقُّ الشخصية بممارسة حريتها التي يضمنها القانون، والانفصال عن الآخر والابتعاد عنه، بعد اكتشافها أنها لا تستطيع أن تلتقي بتفاصيل كثيرة مع شخصية أخرى، من جنس آخر وعائلة أخرى، أو عدم القدرة على العيش معه بصيغة “عائلة واحدة”، بالرغم من حالات التحضير المكثفة، بما يسمى بمرحلة الخطبة والتعارف، التي لا يمكنها أن تعطي صورة دقيقة عن تفاصيل الشخصية ومزاجاتها وقناعاتها ورؤاها مهما طالت، من هنا فإن “سمو الهدف شرقياً، المتمثل عبر محاولة بناء عائلة جديدة” لا يكفي لإنجاح العلاقة، وكسر إرادة الشخصين بضرورة التوافق القهري، والاستمرار الإجباري، لذلك يتم اللجوء غربيّاً إلى تأخير الإنجاب كي يكون أثر الانفصال أقل، في حين يُعَدُّ الإنجاب أحد عوامل “تربيط الزواج” قبل أن يتفكك وتذهب دهشة كل طرف بالآخر شرقياً!
هذا توضيح مفاهيمي على المستوى التوصيفي المعرفي، ومن جهة أخرى، فإنَّ الطلاق، سورياً، حالة معقدة جداً، كونه قد يرتبط بأطفال، وحالات وجدانية، أو يؤدي إلى حدوث شرخ اجتماعي بين شريحتين اجتماعيتين، أو له تبعات تخصّ السمعة أو الخلافات المادية، أو الفيزيولوجيّة، أو الفضائح الاجتماعية، بخاصة في الجغرافيا التي تكون السلطة العليا للمجتمع ومقولاته وقوانينه. خاصة أن الطلاق، في وجه من وجوهه، يمسّ أحد أعمدة المجتمع الأبوي، الذي سيدافع بشراسة عن حالة “الأبدية” المتمثلة في الزواج، حتى لو كانت هذه الأبدية مرهقة ومتعبة لطرفيْ الزواج، وضارة لكلّ منهما، وبالتالي مولِّدةٌ لأشخاص موتورين، ومُتْعَبِيْن، ومقيّدين!
ومن الأسباب الرئيسية لتأخر حدوث الطلاق، أو عدم حدوثه، وجود مرجعية محدَّدة لمؤسسة الزواج، واضحة للطرفين، ورغبة كلٍّ منهما بقبول منظوماتها المسيطرة. أو عدم القدرة على مجابهة سلطة المجتمع أحياناً، إضافة إلى نمط ما من التوافق بين الشخصيّتين، وتضافر وجود عوامل مساعدة أخرى، مهمَّتُها الرئيسية: منع تفتّت البنية الاجتماعية المكوِّنة للعائلة، ومحاولة مدّها بأسباب الاستمرار: مادية، اجتماعية، فكرية، دينية، نفسية.
ومما يزيد الطلاق (الانفصال) تعقيداً “شرقياً” كونه يرتبط بثلاثة جوانب رئيسية:
- إنجاب الأطفال ورعايتهم وأثر ذلك عليهم، في ظل مجتمعات أبوية، لم تنتج مؤسسات قادرة على حمايتهم أو رعايتهم، في حال تفتت بنية العائلة، بما يضمن أقلَ أثرٍ ممكن عليهم، حالَ حدوثه. ظناً من تلك المجتمعات الأبوية أن البنى العائلية المجاورة (الجد والجدة أو الأعمام والأخوال والخالات)، أو التشريعات الدينية أو الاجتماعية بقوانينها العمومية وأخلاقياتها ستقوم بتلك المهمة.
- أسبابٌ اجتماعية ومنعكس ذلك على “العائلة الكبيرة”، نتيجة تحميل الطلاق حمولة إيديولوجية لها علاقة بالسمعة، وتحويل كثرة حدوثه إلى جزء من “العار الاجتماعي” عند شرائح عديدة، وكونه أحد العناصر التي تمسّ سمعة العائلة الكبيرة، التي ستتحدّى حدوثه، كونه حالة مذمومة، تؤثر على تاريخها، بخاصة إذا كان طرفه الرئيس “نساء العائلة”!
- مركزية بنية العائلة في الأديان السماوية، وبالتالي النظر بشزرٍ إلى كل حالة، تحاول تهديد هذه البنية، مما يجعل الأشخاص أسرى لمتطلباتها، وهم الذين لم يجربوا بعد “طعم” الدولة المدنية الديمقراطية، التي تتيح للأشخاص ممارسة خياراتهم الفردية، وأن يكونوا أحراراً بمعظم تفاصيل حياتهم، دون أثمان كبيرة، أو حمولات إيديولوجية.
يترافق ما سبق مع سيطرة النظام الأبوي البطركي، الذي تحرص عليه سلطات الأمر الواقع، كجزء من سُبل بقائها، لأن الفرد متى ما بدأ يلتفت يمنة ويسرة، ويطالب بحقوقه الاجتماعية والفردية، سيكون ذلك خطوة أولى في المطالبة بالحرية والديمقراطية السياسية!
أيْ أنَّ عدم حدوث الطلاق أو قلة حدوثه، غالباً، ما يرتبط بعوامل خارج منظومة إرادة الشخصيْن، تقوم تلك العوامل بمعالجة تفاصيل خلافهما، ومحاولة الدفاع عن بنية العائلة كـ “بنية أبدية” تشبه ضرورة بقاء صيغة “القائد الأبدي الخالد”، يجب أن تستمر، إن أراد طرفاه أو لم يريدا، حتى في حال وجود “لا توافق، أو عدم انسجام” بين طرفيْه، إضافة إلى اعتياد الأشخاص على معاندة ظروف حياتهم، ومحاولة صنع المستحيل، وكون مفهوم عدم نجاح تجربة الزواج يرتبط بدلالات سلبية في المجتمعات المعيارية، مع أنه حالة بشرية طبيعية، لذلك تجد “الشرقي/ـة” من الصعب أن يعترف بخطأ أو يعتذر كي لا يمسّ بناه الوجودية المكونة له، التي قد تكون قابلة للاهتزاز السريع!
الحديث عن الطلاق سورياً، قبل مرحلة اللجوء والثورة، كان يتمّ عادة من ثلاثة جوانب رئيسية:
- الجانب الاجتماعي، والعار الذي يصيب المُطلَّقيْن، وهاهنا المرأة هي الضحية الأكبر غالباً، ففي الوقت الذي يدفع الرجل أقل الأثمان، ويستطيع متابعة حياته على الفور “أو قبل ذلك ربما سراً أو علناً”، تدفع المرأة أثماناً اجتماعية وقانونية كبيرة، وكذلك ثمة ضوابط ونواظم دينية ملزمة لها، لكن الحالة “الغالبة” لتلخيص مشهد الطلاق: الرجل منتصر، والمرأة مهزومة أو خاسرة! إذ تشاء الظروف الفيزيولوجية لجسد المرأة، والتفسير الديني والاجتماعي الذكوري أن تكون هي من يدفع أكبر الأثمان. وقد تناسى عدد كبير من المشرِّعين والمفسرين مقاصد الشريعة الرئيسية المتمثلة في العدل والمساوة وعدم الظلم والخير والحق.
- الجانب الثاني هو مشكلة الخيار الفرداني والحرية الشخصية وصراعها مع المرجعيات الاجتماعية، والنظام الذكوري المسيطر، الذي من الطبيعي أنه لم يقرر تاريخياً ما يتضاد مع خياراته ورغباته، بل كان بارعاً في تفسير النصوص وفقاً لهواه ورغباته، وما يتلاءم مع فكره، حيث يعلي من قيمة الفرد وخياراته لأنه يمثله، ويتمثل خياراته.
- الجانب الثالث هو الجانب القانوني، خاصة قوانين الأحوال الشخصية، التي سنّها الرجال تاريخياً وصاغوها وكتبوها، التي لم تتوخَّ كثير منها مصلحة المرأة، أو خصوصيتها أو إرادتها، في مجتمع ذكوري، الرجل هو صاحب الأملاك والمال والجاه والقرار والسلطة، وهو من بنى سيرته الذاتية واكتسب الخبرات وطوّر المجتمع وفقاً لإرادته، فإنْ فكرتْ كثير من النساء بالطلاق بصفته حقاً بشرياً لها، فإنها ستخرج “صفر اليدين” ومفلسة حتى من جسدها، الذي أفنته في الجلي، وتنظيف البيت والغسيل، إضافة إلى الحمل والولادة، فالعلاقة غير المتوازنة في المجتمعات الذكورية الأبوية تنتج حالات من عدم التوازن والعطب الإنساني، وخاسر ورابح دائماً! لذلك من الطبيعي أن يكون حماس الأهل خفيفاً لطلاق ابنتهم، وبالتالي من السهل عليهم، والملائم للظروف المحيطة بهم، أن يعودوا إلى مخاطبة الزوج بـ: “اللحم إلك والعظم كذلك”، لأنهم زوجوا ابنتهم له حين كانت صبية جميلة، وها هي تعود إليهم خائرة الجسد والنفس، معلقة القلب بأطفالها، مهيضة الجناح، كسيرة الروح. هاهنا يبدو أن منظومة الزواج قد أفرزت طرفاً خاسراً، منكسراً يتسم بمعظم سمات المهزوم هي “المرأة”، وطرفاً منتصراً، يملك معظم أسباب القوة هو الرجل، القوة التي حصّلها بالمكتسبات والدور والخبرة والمكانة، أي أن بنية الزواج شرقياً تقوم في عدد من صور تحققها على التابعية، وأنه ليس اتفاق طرفين على التشارك ببناء الحياة، بل على قبول طرف بالدخول تحت أمر طرف آخر، أو تابعيّته أو على أنه أحد ممتلكاته، برعاية اجتماعية وفكرية وتفسيرية لنصوص دينية، ويمكن لكلّ قارئ أن يستذكر المصطلحات المرافقة لعملية الزواج وخطواته، حيث سيجد أن معظمها تكرِّس مبدأ الملكية والتابعية (المهر، التمليك، الطقس الاجتماعي، الفيزيولوجي….)!!! خاصة أن زواج المستضعفين المتمثل بعدم الكفاءة المادية والتعليمية والمظهرية والثقافية كان أحد ألوانه البارزة. وقد رصدت الكاتبة الهولندية استر فان آيك في كتابها “قانون الأسرة في سوريا: البطريركية والتعددية وقوانين الأحوال الشخصية” كثيرا من تفاصيل تلك القوانين وإشكالياتها مقارنة مع قوانين الأحوال الشخصية الأخرى.
تكريس ثقافة حقوق الإنسان
من المهم اليوم، بخاصة في الحالة السورية، إنتاج ثقافة تحمي إنسانية الإنسان وحقوقه وتفاصيله أولاً، وتؤمن بها، سواء أكان رجلاً أم امرأة، لأن هذه الثقافة المنتظرة هي من سيفرز القوانين في سوريا المستقبل لاحقاً، وإن لم تستطع ثقافة الثورة إنتاج ثقافة العدالة والمساواة، فإن الظروف العادية من الصعب أن تفرز نظام حكم أو قائدا يسبق الحراك الاجتماعي، وبالتالي سيسنّ قوانين سابقة لحراك الناس، وهاهنا من المرجّح أنه سيتقهقر السوريون إنسانياً وقانونياً إلى المرحلة السابقة للثورة، حيث كانت أفكار كثير من “الشعب السوري” سابقة لمفاهيم الدولة وقوانينها ذات الطابع المتأخر. من هنا فإن الحديث عن الطلاق والحرية الفردية مدخل مهم لكي يتم التخفّف من القيم الاجتماعية البالية، التي سمحت للظلم أن يعيش، إذ لا بدّ من إحلال قيم اجتماعية جديدة، تُعْلي شأن الحرية الفردية والعدالة، وأن يكون للشخص الحقّ في أن يختار مرجعياته، في كثير من تفاصيل حياته، وبالتالي مزيد من الحرية الفردية، وهاهنا تغدو الدولة المدنية بقوانينها هي خير مدخل للعدالة الاجتماعية!
إن تغيُّر الأسباب المنتجة للزواج، وبالتالي الطلاق، في ضوء التجربة الأوروبية، وتزحزح مركزية أسباب حدوث الطلاق التي كانت سائدة سورياً إلى هامش أو العكس، قد ألقى بثقله على المنظومة كاملة، وقد كان يغلب على أسباب الانفصال الطابع الاجتماعي من مثل: العقم والخيانة والفقر والمرض، لتتحول إلى أسباب ذات طابع فردي، بعد تجربة اللجوء من مثل: عدم الرغبة بالعيش مع الآخر، والحرية الشخصية، ورفع الظلم، والمطالبة بالمساواة والامتثال للقانون لكل من الطرفين، ورفع ظلم سابق أو إيقافه… وترافق ذلك وجودياً وفكرياً مع فقدان الثقة واليقين بمفهوم الديمومة والأبدية، في ظل حياة السوشيال ميديا المتحولة، وفقدان الجغرافيا السورية “أرض الوطن” والسمعة والوجاهة والقيادة والعائلة والاستقرار.
علماً أن الإشارات التي تأتي من الداخل السوري حالياً تشير إلى تشابك أسباب جديدة وقديمة لحدوث فعل الطلاق من مثل: الفقر والغياب (انقطاع الأخبار أو الأثر) و”الخيانة الواقعية أو خيانة السوشيال ميديا”، والرغبة بالهجرة أو عدمها، والخلاف السياسي.
ما الذي حدث بعد اللجوء السوري أوروبياً؟
وما هي العوامل المشجعة على حدوثه بصفته حدثاً عادياً؟
- اضمحلال دور العائلة والمجتمع سواء بالمفهوم الأبوي، أو بمفهوم السلطة والأثر، وانزواء مفهوم السمعة، خاصة أن الانتماءات الجديدة لأفراد العائلة تجعل من تلك المفاهيم أقرب للماضي منها للحاضر أو المستقبل، وتكسّر رمزية “مفهوم العائلة” في ظل مجتمعات لا تنظر إلى العائلة كبنية اجتماعية رئيسية، بقدر محاولتها بناء الفرد وتعزيز قدراته ومهاراته.
- وجود مؤسسات راسخة تهتم بالأطفال وترعاهم، وتتولى تفاصيلهم، بحيث يصل أثر الطلاق عليهم إلى حدّه الأدنى، في ظل ثقافة الطلاق الشائعة، التي تنظر إليه بصفته مرحلة، يكاد يكون من الطبيعي أن تمرّ فيها العلاقة بين شخصين، اتفقا فترة من الزمن ثم اختلفتْ أمزجتُهما، أو إرادتهما، ووجدا أنهما لا يلائم كلٌّ منهما الآخر، أو تغيرتْ ظروفُهما أو الظروف المحيطة بهما.
- بدء انتفاء حالة “الأبدية” من معظم تفاصيل الأشخاص، بدءاً بمفهوم الوطن وانتهاء بمفاهيم أكبر، كان الشك لا يقارب حدودها، وتهدم الثقة بـ “اليقين”، وشيوع قيم جديدة لها علاقة بمفهوم الخيارات الفردية، والحرية، والبحث عن متعة اللحظة الحاضرة، والابتعاد عن فكرة الفرح المؤجل!
- شيوع ثقافة قيم العدالة والمساواة وعدم الإكراه عند كل من الرجل والمرأة، وتنمية القدرة على اتخاذ القرار لدى الأفراد، والتركيز على تعميق مهارات الذات للتعامل مع مختلف ظروف الحياة، ضمن القانون المدني السائد.
- بروز الصدمة الثقافية عبر عدم الشعور بالأمان، والارتباك، والخوف، والشعور المبالغ به بالوحدة.
- عدم وجود عبء مادي أو معنوي بعد حدوثه، بل يمكن لكل من المطلِّق والمطلقة الحصول على مساعدة مادية لإتمام إجراءات الطلاق، إن لم يكونا قادرين على القيام بذلك من ميزانيتهما الخاصة.
شيوع ثقافة الطلاق وقبولها
تسأل طفلة سورية أمها وأباها لماذا لا تتطلقان؟ والسبب أن معظم زميلاتها وزملائها في الصف يكون الأب والأم فيها مطلقين، وبالتالي فإن النظر إلى الطلاق يرتبط في جوانب منه بالثقافة السائدة، بل إن تلك الطفلة تجد فسحة إضافية للترفيه حيث ستنام في بيتين مستقلين، وتتمتع برعاية زائدة، وفي الوقت نفسه بالنسبة للدولة الهولندية يتربى الطفل على أن هذا الحدث حدث عادي، ولا ينتقص من قيمة الشخص لأنه ليس معياراً أو حكم قيمة!
بعيداً عن مفهوم المؤامرة و”نوايا الغرب الشريرة” تجاه السوريين، فإن استطلاعات الرأي والملاحظة العيانية كلها تشير إلى أن نسبة كبيرة من الأسر السورية فكرت، أو مرت بتجربة الطلاق خلال عقد اللجوء، وهناك عشرات القصص التي نعرفها بالملاحظة العيانيّة يقوم فيها الرجل أو المرأة بفعل الطلاق أول وصوله مطار أمستردام، مما يعني أن القرار قد بُيِّتَ بليل، ولا علاقة للغرب به، علاقته هاهنا بالشعور بالتحرر من الالتزامات الاجتماعية أو انتقام من حالات ظلم طويلة الأمد. بل إن هناك حالات كثيرة من الرجال والنساء رفضوا تقديم طلب “لم الشمل” للطرف الآخر، وكأنه (ها) بذلك قد تخلص من عبء الزوجة/ أو الزوج، وفي دراسة أنجزت، في هولندا، تبين أن (عينة الدراسة/ قرية هولندية بجانب مدينة لايدن) تسكن فيها أربعون عائلة سورية، تطلقت 11 عائلة منها، وأن أكثر من نصفهم فكروا بالطلاق!
أخيراً تجدر الإشارة إلى وجود ظاهرة “الطلاق التأمري أو المصلحي النفعي”، الذي شاع عند شريحة محدودة جداً من اللاجئين، بهدف تحصيل مزيد من المكاسب المادية من دولة اللجوء، نتيجة الجوع والجشع والحاجة، وبقاء موروثات الدولة الاستبدادية القديمة المتمثلة بعدم وجود الأمان، أو الثقة بين الدولة ومواطنيها!